دورة الثقة بالنفس ~ قدري ذاتك ~
روان ورزان أختان متقاربتان في العمر
ملامح روان ناعمة وفاتنة وبشرتها بيضاء جمالها فائق بكل المقاييس
بينما رزان جمالها متوسط وبشرتها سمراء
ومع بداية الطفولة بدأت المقارنات بينهما من ناحية الشكل
وأول الناس المبادرين لذلك هي الأم
كبرت الطفلتان وكان لأسلوب تعامل الأهل معهما الدور الأكبر
في تكوين شخصيتهما
كانت روان محط الأنظار في كل مكان تذهب اليه
اعتادت سماع كلمات الاطراء والاعجاب
امتلأت بالغرور وتشبعت بالتعالي
اعتمدت على جمالها كبوابة دخول لقلوب الآخرين
واكتفت بهذا الحد
كان تقديرها لذاتها عالي جدا
فوق الطبيعي وكل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده
أصبحت تتعامل مع الناس من فوق برجها
التف حولها العديد من الصديقات والرفيقات
فالناس يعشقون الجمال والمظاهر
وكانت روان تتقن التلاعب بهما
فقد كان اهتمامها بشكلها ولبسها كبيرا للغاية
على الجانب الآخر كانت رزان
تشعر بالغيرة تأكل قلبها
تكره تجمعات الناس والمناسبات العائلية
حيث تبدأ المقارنات البغيضة والتعليقات الرخيصة
تولد في داخلها كره للموضة والأزياء
وتعجب من طريقة الناس في تقييمهم للآخرين
فكيف يمكن لملابس يرتديها الانسان أن ترفع قيمته في المجتمع
بل والأكثر من ذلك كيف لشكل خارجي هو هبة من الله
أن يكون هو الميزان الذي يوزن عليه الأشخاص
أحست أن حظها في الحياة قليل ومستوى تفكير الناس متخلف
أهملت مظهرها وكل ماهو انثوي
وكرد فعل قوي ....اهتمت بدراستها وأعطتها كل الأولوية والأهمية
وانما للأسف كان ذلك على الورق فقط
حيث طغى الخجل الاجتماعي على سلوكها
وقد حاولت تعويض النقص الذي تشعر به في الملامح الشكلية
بالتميز في مجال آخر
بالتميز في مجال آخر
وفي عنفوان المراهقة للفتاتان ....تكاثر الخطاب لطلب روان
ومع كل خبر خطوبة جديد ...تنهال الجمل القاسية على مسامع رزان
روان أصغر ومع ذلك خطابها كثير !!!!
ما أحد تقدم لرزان !!!!
كيف نزوج الكبيرة قبل الصغيرة !!!
وروان تنتقد خطابها وترفضهم لأسباب تبدو في كثير من الأحيان غير مقنعة
وفي احدى المرات تقدم لروان شاب وسيم ذو مركز اجتماعي مرموق
وله حظ وافر من العلم فهو يحضر رسالة الدكتوراة
كانت الفرصة كبيرة ومن الصعب رفضها
تمت خطوبة روان على سمير
كان معجبا بها إلى حد كبير
ويشعر في داخله بزهو الانتصار
حيث حظي بفتاة رائعة الجمال
انجذب لها وأحبها
كان شهر العسل زمنا آخر بالنسبة له
فقد استمتعا معا
وقضى الاثنان مع بعضهما أوقاتا رائعة
فقد كان دلعها وغنجها مبهرا
ولابد للحياة أن تأخذ عجلتها وتدور
عاد سمير إلى عمله
وابتدأت الحياة الحقيقية لروان وسمير
كانت روان تفتقر إلى الكثير من الأساسيات
التي ينغي أن تدركها الفتاة
فقد كانت جاهلة بكيفية معاملة الزوج
كانت أشبه بتمثال جميل المنظر ولكنه فارغ من الداخل
أجوف وخالي المحتويات
سرعان ما تسرب الملل إلى سمير
فهي لا تعرف كيف تتحدث مع الآخرين فضلا عن احترامهم وتقدير مشاعرهم
والأسوء من ذلك نظرة التعالي والتفاخر من عينيها
أصبح سمير يصارح روان ويخبرها بضرورة تطوير نفسها ومواكبة عصر
المعلوماتية
ولكنها ترد عليه بثقتها المتزايدة كل شي في عاجبني
ما احتاج رأيك
فاكتفى بالصمت ولم يرد عليها
وهناك على الجانب الآخر
كانت رزان تعاني في داخلها ...وتتحطم اسوار المقاومة لديها
وتتكسر في صمت
بكت كثيرا حتى تخيلت انها ستجف دموعها يوما
طوقها الخجل وكبلها الخوف الاجتماعي
انطوت على نفسها وحيدة
تقضي وقتها بين اللاب توب والكتب
كانت ذكية علميا وانما قدراتها على التواصل مع الآخرين محدودة
تحرز أعلى الدرجات على الورق
ولا تعرف معلماتها انها ممتازة الا بعد ظهور العلامات بعد الامتحانات التحريرية
وتسمع حينها عبارات التعجب والاستغراب
ليش ما تشاركي معانا في الفصل ؟
تشعر رزان بالإحراج ويصيبها الهلع عندما يوجه لها أحدهم سؤالا
تفتقد القدرة على التعبير عن رأيها
والافصاح عن مشاعرها
شعرت المرشدة بالمشكلة التي تعاني منها رزان
دعتها إلى غرفتها وشجعتها على الكلام
حاولت معها أكثر من مرة
وبالتدريج أصبحت رزان ترتاح لهذه المرشدة
فقد كان أسلوبها رائعا تفهمت حالتها وساعدتها في تخطي الكثير من الاعتقادات السلبية
ارتفع تقدير رزان لنفسها فقد وجدت أخيرا من ينظر لها كإنسانة تمتلك قدرات
وامكانيات رائعة
والأكثر من ذلك ساعدت المرشدة رزان على رؤية كل الجماليات الكامنة في أعماقها
أصبحت رزان ترى نفسها مميزة فملامحها أحلى مما كانت تتصور
أصبحت تنظر للمرآة بعد أن كانت تهرب منها
تأملت وجهها وأحست بارتياح ورضا يغمرها من الداخل
انعكس شعورها عن نفسها على ثقتها
اعتنت بالداخل والأعماق وكذلك الشكل الخارجي
اهتمت بالإثنان معا ...فقد تعلمت ذلك من المرشدة
في هذا الوقت كانت روان تغرق في المشاعر السلبية
فقد اختفى اعجاب سمير بها
لم يكن بينهما أي تواصل أو مجال مشترك
تهاوى تقديرها لذاتها إلى الحضيض
فقد شعرت بضحالة تفكيرها وعدم قدرتها على كسب قلب زوجها
الذي كان يكثر الخروج من المنزل ويتركها وحيدة
انطفأت روحها المرحة وأصبحت عابسة
فقد أحبت سمير من قلبها ولا تريد أن تفقده
كاتت تتساءل في داخلها عن تغيره من المغرم العاشق
إلى
غير المبالي
كان شعورا جديدا بالنسبة لها أن تجرب تجاهل الغير لها
اعتصرت الألم وكانت تختنق من الحياة الباردة
سبحان مغير الأحوال
رزان بدأت تختلط بالناس تعلمت كيف تضع حدودا فاصلة لا يمكن تجاوزها
ومع الوقت خفت التعليقات حولها
فأي شخص كان يعلق على شكلها بشكل سلبي كانت ترد عليه بنظرة حادة
في طياتها رفض لأسلوب الكلام والمضمون ...
استطاعت أن تثبت أنها انسانة جديرة بالاحترام
أصبحت تعتقد اعتقادا جازما
بأنها تمتلك العالم كله
ما دامت قد وجدت نفسها أخيرا
غمرتها مشاعر الايجابية
واصبحت تشعر ان الحب ينتظرها في مكان ما
وفي وقت ما ...سيأتي وإن تأخر
فهي ترى انها تستحق الحب والحياة الكريمة
ولكن بما أن ذلك لم يحدث بعد
فهي ستضم رزان وتمطرها بالدفء والحنان
كانت تردد على مسامع نفسها
عبارات التفاؤل
سوف ألبس الفرح في يوم مشرق
و
و
و
و
لم تكن تترك وقتها يذهب هدرا
بلا هدف ...وبدون استغلال أمثل
فهي تعلم أن كل دقيقة بل كل ثانية
تصنع مستقبلها الزاهر
وما تفعله اليوم هو ما ستجني ثناره في الغد
فشمرت عن ساعديها
وانطلقت بروح ملؤها العزيمة
تقودها الارادة الصلبة
وغذاؤها فكرها المستنير
لقد انغمست روان في مشاعر الاحباط
وحلقت رزان في سماء الرقي
ومفتاح اللغز يكمن في النظرة نحو الذات
ولكن الفرق بين اليوم والأمس كبير
فقد لاحظت رزان تغير روان والحزن الظاهر على وجهها
وتحركت مشاعر الأخوة لدى رزان
وبذلت جهدا كبيرا مع أختها
استمعت لشكواها بصدر رحب
واعطتها مشورتها بقلب صادق
عادت روان لدراستها بعد أن تركتها مسبقا
عندما حصرت نفسها في نطاق حياتها الزوجية فقط
ومع التواصل المستمر بين الأختان
تمكنت روان من جذب قلب سمير نحوها
وعادت لها الابتسامة مجددا
وفي احد الأيام انخطبت رزان لشخصية مرموقة
وكانت في ذلك الوقت قد نالت شهادتها الجامعية
ممتاز مع مرتبة الشرف
وأخيرا
تكلل المشوار بالنجاح الباهر
وأصبحت الفرحة فرحتان
فرحة التخرج وفرحة الزواج
’’’’’’’’’’’’’’’ انتهى
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اسم الموضوع : دورة الثقة بالنفس ~ قدري ذاتك ~
|
المصدر : الزوج والزواج