2
اليوم هو يومى الاول وحيدة، اسفه، اقصد بدونه. فأنا لست وحيدة. لدى أطفالى الأحباء، لدى أهلى، لدى عملى، لدى هواياتى ولدى أيضا سمكاتى الصغيرة التى أهتم بها. لماذا أشعر اننى وحيدة؟ أن حياتى ليست بهذا الفراغ القاسى الذى لا يملأه الا هو. ان التعود أمر عظيم فى حياة كل منا. فأنا تعودت على وجوده، على القليل من مشاركته معى فى أمور أطفالنا، على انتظاره فى المساء ومشاركته طعام الغداء حتى لو كانت الساعه تقترب من التاسعه.
أما اليوم فالامر مختلف. كان الوقت يمر ببطء اول اليوم واسئلة طفلتى الحائرة فى عينيها تطاردنى أينما ذهبت. أين بابا يا ماما؟ والجواب صعب. انها أصغر من ان تتقبل الحقيقة مع ان جزء كبير من الخلاف كان أمامها. ولكنها صغيرة وبالفعل لست ادرى ما اقوله لها. لا أحب ان احملها فوق طاقتها. ولا أعرف ان كانت ستتفهم الموقف ام لا. فعلى الرغم من كثرة خلافاتنا أمامها فان هذا الموقف يعتبر الأول من نوعه فى المنزل. فلم يسبق لها ان رأت أحد مننا يهجر المنزل لأى سبب. وكانت هذه هى المرة الأولى التى تصحى من نومها يوم أجازتها وتسألنى: هو بابا لم ينم فى البيت النهارده؟؟
3
كان يوم أجازة عجيب، بارد نوعا ما، فأنا انسانه ضد التغيير وطالما احببت ان اعيش دائما على وتيرة واحدة ورتم واحد لا يتغير. واليوم كان يوم التغييرات الجذرية. فهو اليوم الأسبوعى للفسحة العائلية. وهو كان مسئول عن هذا اليوم. كان هو غالبا صاحب قرار المكان الذى نذهب اليه وكنا نقضى اليوم معا ومع الاطفال بغرض اساسى وهو الترويح والترفيه عنهم. لم يكن يحب دائما ان نخرج بمفردنا. فالاولاد كانوا محورنا الاساسى لدرجة انه لو تواجدنا بمفردنا فى مكان او كنا على اضطرار للخروج وحدنا بسبب اى مناسبة خاصة بيننا - عيد زواجنا مثلا - لم يكن هناك اى حوار بيننا.
المهم، لماذا اتطرق الان الى هذه الذكريات والتفاصيل الخاصة؟ لقد قررت ان اتحمل المسئولية وحدى واتخذ قرار الخروج والترويح عن الاطفال بمفردى. وانا ايضا بحاجة الى التغيير .. فليكن اذن. ذهبنا الى النزهه واستمتعت بالشمس الدافئة وانا احتسى مشروبى المفضل الساخن. واستمتع اطفالى بالمكان .. واستمتعت بفرحتهم.. على الرغم من مشاكلهم الصغيرة والتى كان يتشارك معى فى احتوائها احيانا.
وبعدفترة من الوقت سالت ابنتى عن أبيها مرة ثانية وطلبت محادثته فى التلفون ولم امنعها واتفق معها على المرور عليها هى واخيها للخروج معا .. وبالطبع كأنى مش هنا.. مش موجودة اصلا.
واتى لاصطحابهما ولم اتردد فى ان اقول لنفسى انا كمان بحاجة الى الاستقلالية لعدة ساعات. وسابحث عن شىء يمتعنى ولن استسلم لسحابة التغيير الكئيبة .. وذهبت لمشاهدة فيلم كوميدى فى السينما وضحكت من قلبى .. ولم ابالى انى وحيدة.. فليكن.. وانتهى الفيلم وذهبت الى المنزل واطفالى لازالوا بصحبة أبيهم.. لقد تأخروا جداا وبدأت اقلق عليهم وايضا بدأت حالة من الملل والفراغ والبيت صامت من حولى.