ومن عجيب أمر الناس

[راجيه الرضا]

من عجيب أمر الناس الذي عايشته كثيرًا أن يخطب الشاب المجتهد العاقل شابة، فيصطدم باختلاف شديد في الطباع، بل وبضعف ميلها إليه الواضح من تصرفاتها، وبالعناد، وبتباين في العادات والميول، ويستمر في صبره الممدود، وفي محاولات التقويم والتودد والإقناع، بينما يبدو عليها أنها عاجزة عن أن تقبله القبول التام الذي يرتضيه الرجل وترتاح به نفسه وتتحسن به ثقته.
وليس هذا إلا نصف العجب، أما نصفه الآخر، هو أن كثيرًا من الشابات العاقلات العفيفات الناضجات، وهن مثل النباتات التي لا يحتاج نموها وتفتحها إلا القليل جدًا من الرعاية، لا يأتيهن مثل هذا الشاب العاقل المجتهد معتدل الطباع، ويصبرن ويصبرن في انتظار شاب جدير بما نشأن عليه من خلق حميد وتواضع وحب للعطاء، لكن لا يأتي لهن من يستطيع بالقليل حتى أن يروي النبتة.كأن الواحدة منهن شجرة ظليلة، لكن لا أحد انتفع بهذا الظل.
اظفروا بهن، فهن كنز من كنوز الدنيا يغفل عنه الكثيرون، فمع الأيام ستعرفون أن الرجل لن يجد أنفع له ممن اعتبرته نعمة من الله، وحفظته، ولن يجد من تضيء حياته قدر التي أضيئت بظهوره.