استولى عليَّ الحزن لكوني اكتشفتُ أنه لم يكن في المغامرات التي عايشتها شيء استثنائي وأني لم أكن قد اخترتها عن ترف، عن نزوةٍ، عن توقٍ قَلِق إلى معرفة كل شيء، إلى عيش كل شيء، ولكنها كانت قد أصبحت الشرط الأساسي والاعتيادي لوجودي الحالي، وتحدد بصرامة مجال إمكانياتي وترسم، بخط دقيق، أفق الحياة التي كُرست لي منذ ذلك الحين، كما لم تكن تُعبر عن حُريّتي، بل عن حتميتي، عن حدودي، عمّا حُكم علي به. وكنت فريسة للخوف، الخوف من هذا الأفق الباعث على الرجاء. وكنت أحس بروحي تنطوي على ذاتها، أحسها تتقهقر، وكنت مرعوباً من فكرة أنه لم يبق لها من هذا الحصار سوى الهرب.
أ لا تعتقدين أنّي أفهم الحُلم باليأس من الوجود ؟
إنّه لا يبدو ظاهراً .. لكنّه موجود في كلٍ لحظة إستيقاظ.
في نفس الوقت، تزداد الهوّة بين ما أنت عليه مع الآخرين، وما أنت عليه وحدك.
(...)
"الإنتحار ؟ لا .. مبتذل جداً
لكن يمكنك رفض الحديث، فعلى الأقل أنت لا تكذبين بصمتك هذا، بوسعك أن تعزلين نفسك، وحينئذ، لن تكوني مضطرة للعب دور ما أو اختيار أيّ وجه أو حتّى القيام بالإيماءات الخاطئة ..
أو هذا ما تعتقدينه !
لكنّ الواقع يخدعك، فالمكان الذي تختبئين فيه ليس محكماً ولا محصّناً بالقدر الكافي، وقد أخذت الحياة تتسرّب منه في كلّ إتجاه، ولابدّ أن تستجيبي لها. ولن يسألك أحد أكانت هذه الإستجابة أصلية أم مفتعلة .. أكانت حقيقية أم مزيفة، فمثل هذا السؤال لا أهمية له إلاّ في المسرح، بل حتّى هناك لا تكاد تكون له أهميّة.
أتفهّمك إليزابيت، أفهم لما تصرّين على صمتك، أفهم لماذا انشأت جزء من اللامبالاة في نفسك. أفهمك وأحترمك ..
أعتقد أنّه عليك الإستمرار في قيّامك بهذا الدّور، حتى تصلي إلى أن تزهديه، وعندما تؤدّيه حتى النهاية، لك أن تسقطيه من حسابك، كأي دور آخر من أدوارك السابقة.
"اليوم، أدرك أن العيش والحبّ والألم هي الحياة بالفعل.." ألبير كامو
"أريد أن أكون ما تصنعه منّي حياتي، لا أن أحوّل حياتي إلى تجربة. أنا هي التجربة، والحياة هي التي تقولبني وتوجهني. لو كنت أتمتع بقدر كاف من القوة والمصير، أعرف جيّداً إلى أي درجة من اللاّشخصية الكاملة كنت وصلت، وأي دفع من العدم الناشط يمكن لقواي بلوغه. ما منعني هو علياء ذاتي. اليوم، أدرك أن العيش والحب والألم هي الحياة بالفعل، إلاّ أنها الحياة بقدر ما نكون شفافين وبقدر ما نتقبل مصيرنا."
《مازلت أعتقد بأن هذا العالم لا ينطوي على معنى يعلو عليه. بيد أنني أعلم أن هناك شيئاً فيه له معنى، ألا وهو الإنسان، لأنه الكائن الوحيد الذي يشتاق إلى المعنى ويسعى إليه.》
- ألبير كامو
《انَّ“ معنى الحياة ” قد لا تعني شيئاً مخبوءاً، أو ربما قابلاً للكشف، بقدر ما تعني شيئاً يمكن أنّ نثري به حياتنا بأنفسنا. إننا نستطيع أن نضفي على حياتنا معنى من خلال عملنا، من خلال سلوكنا النشط، من خلال طريقتنا في الحياة، ومن خلال الموقف الذي نتخذه نحو أصدقائنا واخوتنا في البشرية ونحو العالم. بهذه الطريقة يتحول البحث عن معنى الحياة إلى سؤال أخلاقي – إلى سؤال “ أية مهام سأقررها لنفسي كي أجعل لحياتي معنى ؟”، أو كما قالها كانط : “ ماذا عليّ أنّ أفعل ؟”》
- كارل بوبر (بحثاً عن عالم أفضل)
《إنّ على المرء أن يحب الحياة قبل أن يحبّ معناها ..
فإذا ما تلاشى حبّ الحياة, فليس تمّة معنى يعزيها》
- دوستويفسكي
الصور من فلم:
■ (The double life of veronique (1991
يجب عليك أن تقاوم نفسك عشر مرات في النهار فتغنم خير التعب وتهيء المخدر لروحك، عليك أن تصالح نفسك عشر مرات في النهار لأنه إذا كان في قهر النفس مرارة فإن في بقاء الشقاق بينك وبينها ما يزعج رقادك، عليك أن تجد عشر حقائق في يومك كيلا تضطر إلى السعي وراءها في نومك فتبقى نفسك جائعة، عليك أن تضحك عشر مرات في يومك لتكون مرحاً كيلا تزعجك معدتك في ليلك والمعدة بيت الداء، قليل من يعرف هذا من الناس، ولن يتمتع بالرقاد الهنيء إلا من حاز جميع الفضائل ... غير أن المرء يحتاج فوق فضائله إلى شيء آخر وهو أن يندفع إلى الرقاد بفضائله نفسها في الزمن المناسب
■ نيتشه: هكذا تكلم زاردشت
Ingmar Bergman’s ■
(Cries and Whispers) (1972)
■ Henri Matisse's "The Dessert: Harmony in Red" (1908)
"ليس الناقد من يهمّ
ليس المرء من يشير إلى كيف يتعثر الشخص القوي أو أين يستطيع صانعي المآثر تغيير الأمور بشكل أفضل.
بل يعود الفضل إلى الشخص الموجود في الساحة بالفعل، الّذي تمرّغ وجهه في التراب والعرق والدم، الّذي يسعى بكلّ جرأة، ويعبّر عن رأيه بشجاعة والذي يخفق في تحقيق مراده ويقصِّر مرة بعد الأخرى، وهو الذي يختبر انتصار الإنجازات العظيمة في نهاية مطافه، إلاّ أنّه حين يفشل يفعل ذلك بجرأة عظيمة’’.
