قصة قصيرة حقيقية.أبي وليلة امتحاني

احصائياتى
الردود
1
المشاهدات
434

راجيه الرضا

مراقبة و متميزة أقسام نسوة
معلومات راجيه الرضا
إنضم
18 فبراير 2017
المشاركات
14,542
مستوى التفاعل
9,665
النقاط
113
قصة قصيرة حقيقية.أبي وليلة امتحاني
أبي :
إستيقظت علي صوت أبي الهادئ و هَزِّه لكتفي بحنان و إصرار و هو يقول لي '' أحمد محتاجك ظروري في غرفة الصالون ''
وعندما أفقت بصعوبه شديدة و بعينين يداعبهما النوم نظرت الي الساعة المعلقة الي جدار غرفتي وكانت تشير الي الساعة الثانية صباحاً .
وكنت قد ذهبت الي الفراش بعد الساعة الحادية عشر مساءً بقليل نظراً لإستعدادي لأداء إمتحان شفهي الكيمياء الحيوية في الجزء الأول من ماجستير طب الأطفال في صباح ذات اليوم .

قمت من الفراش بملابس النوم و ذهبت الي غرفة الصالون مباشرة ً ينتابني شيء من القلق ولا أدري ماذا حدث .
في غرفة الصالون وجدت شاباً في الثلاثين من العمر ويبدو من ملابسه و شكل شعره بأنه جاء علي عجل وكان يصحب معه طفل رضيع لا يتجاوز عامه الأول ويظهر عليه علامات المرض .
قال لي والدي ، رحمة الله عليه ، ''هذا سمير إبن عمك إبراهيم صديقي وهذا ابنه الصغير تعبان شوية و جاء إليك علشان تكشف عليه ''.
بعد دقائق قليلة بدأت أتمالك نفسي و أستعيد درجة الوعي و التركيز الضروريين للكشف علي الطفل .. وبالسؤال عن التاريخ المرضي و بالفحص تبين أنه يعاني من نزله معوية حاده و حاله جفاف شديد .. و كان الإجراء الطبي المناسب هو تركيب محاليل له عن طريق الوريد بصورة عاجلة.

وكنت قد إقترحت عليه بالذهاب لمستشفى الجامعة وسأقوم بالأتصال بأحد زملائي لإستقبال الحاله والقيام بالازم حيث أنني في أجازه إمتحانات ولدي إمتحان صعب في الصباح الباكر .

عندما نظرت إلي وجه أبي لاحظت عليه علامات عدم الرضا من إقتراحي ، و إذا به يطلب مني بلهجة فيها شيء من الإصرار ''معلهش يا أحمد روح إلبس هدومك و إنزل مع سمير و إبنه إلي المستشفى وما تسيبوش إلا بعد ما تركب له المحاليل و تطمئن عليه ''.
نظرت إلي أبي مندهشاً و خرجت من غرفة الصالون متجهاً الي غرفة النوم لتغيير ملابسي و تنفيذ ما أمر به أبي ، ومحاولاً أن أفهم ما الحكمه وراء ذهابي إلي المستشفي في هذا الوقت و في هذا التوقيت الغير مناسبين من وجهة نظري ، ناديت علي أبي وسألته بكل تقدير و إحترام لرغبته '' بابا حضرتك مش عارف إن عندي إمتحان في الصباح و أن نزولي الأن من البيت دلوقتي ممكن يؤثر علي أدائي في الإمتحان''
فنظر إلي وقال بنبرة صوت فيها الكثير من التأثر ''معلهش الطفل شكله تعبان وصَعْبان عَليَّه'' .ثم ذكر ، وقد تغيرت النبرة بأخري فيها الكثير من الثقة ''لو نزلت معاه دلوقتي ربنا حيكرمك في الإمتحان .. وبكره تشوف ''.

فكان منِّي أن إصطحبت الطفل و أبيه الي المستشفى وقمت بتركيب المحاليل بنفسي وتركته بعد أن إطمأننت عليه ووصيت عليه زميلي لكي يتابع حالته .. وعندما رجعت الي المنزل كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة و النصف صباحاً . وكانت مشاعري في ذلك الوقت مزيج من القلق والإرهاق ومحاولة التسليم بقضاء الله فيما سيحدث بعد ذلك .
وبعد محاولات يائسة للنوم تركت فراشي وقمت لتناول طعام الإفطار وكوب الشاي الذي أعتده لي أمي ، رحمها الله ، ثم بدأت أستعد للذهاب إلي لجنة الإمتحان ..

وكان يوم الإمتحان بقسم الكيمياء الحيوية بالكلية والذي بدي يعج بالطلبة و المعيدين والاساتذة الممتحنين .. وإمتزجت الأصوات و المشاعر بين الحاضرين .. جلست انتظر دوري للدخول علي لجنة الإمتحان الي ان تم النداء علي إسمي بمعرفة أحد المعيدين بالقسم ، طبيب في مقتبل العمر نحيف الجسم يرتدي البالطو الابيض ، و كانت اللجنة تتكون من أقدم ثلاثة أساتذته في قسم الكيمياء الحيوية ..
دخلت عليهم وقلبي يكاد يخرج من صدري محاولاً التماسك حتي لا يبدوا عليَّ علامات القلق ..
ولكن عندها نظرت إليهم ولاحظت الإبتسامه تزيَّن وجوههم ، زال مني كل التوتر و الرهبة من الإمتحان و بدأت أستعيد تماسكي بالتدريج والإجابة علي كل الأسئلة المطروحة ، ولله الحمد ، أديت الإمتحان علي أحسن ما يجب .

خرجت من لجنة الامتحان وكانت مشاعري مزيج من السعادة و الإستغراب مما حدث .. كيف لهذا اليوم الطويل والذي بدأ منذ الصباح الباكر أن ينتهي هكذا علي أفضل وجه .. وبدأ يلح علي عقلي هذا السؤال ..
من أين أتت لأبي هذه الثقة الكبيرة بأن الله سيكرمني إذا ذهبت الي المستشفى مع الطفل '' .. لابد انه علي قناعه تامه بأن فعل الخير لا يضيع وأن مهنة الطب مهنة إنسانية في المقام الأول تمس دقائق النفس والجسم معاً . وقد اعطي لي رحمه الله درساً عملياً علي ذلك .

الآن وبعد كل هذه السنين لايزال هذا الموقف محفوراً في ذاكرتي ليثبت حقيقة أخري بأن ما يعلمه الأب يعادل ما يعلمه عشرات المعلمين .
 

من نحن ؟؟

موقع نسوة : هي شبكه عربيه تهتم بكل ما يخص المرآه وحياتها اليوميه يعمل منذ سنوات لمساعدة والمساهمه في انجاح كافة الامور الحياتيه للمرآه العربيه