قسوة أب على ابنه من أين أتى بها؟

[راجيه الرضا]

جاءني رجل في قلبه قسوة عجيبة على ولده...
حتى أنه لا يستريح عندما يضربه حتى يسيل منه الدم!!
مهما تألم الولد من الضرب لا يستريح الأب حتى يسيل من ولده الدم، فيضطر أحيانا أن ينهي الأمر بضرب ولده بأي شيء حوله يجرح ولده ويريح قلبه!!
وبعيدا عن السادية أو الساديزم كما يسميها الأطباء والمعالجون النفسيون، والتي يتلذذ فيها الإنسان بإيذاء ضحيته، وهكذا كان الرجل مع أقرب الناس إلى قلبه...ولده.
وبعيدا عما قلته له ووجهته إليه تربويا، ووجهه إليه المعالجون النفسيون... بعيدا عن هذا كله، فقد سألت الرجل:
من أين جاءتك القسوة؟
قال: من أبي!!
لقد كان يتفنن في القسوة علي وعلى إخوتي، فورثنا قسوة قلبه حتى اعتدناها كما اعتادها، ومارسناها أكثر مما مارسها!!
قلت له:
قاتل الله ميراث السوء هذا، وقاتل الله هؤلاء المشوهين نفسيا من أولئك الآباء وربما الأمهات الذين لا يعرفون أن التربية بالملاحظة والمعايشة والاقتداء أشد أنواع التربية سلبا أو إيجابا..
كم من أب عنيف أو شهواني أو سيء الخلق ورث أولاده بل ورث المجتمع أمثال هؤلاء المرضى المشوهين نفسيا، الذين أصبح منهم اللصوص واللئام والسُرَّاق والدعار ومدمرو الأولاد وربما الزوجات...
نحن مراقبون من أولادنا يا سادة، ومتأثر بنا نفسيا وأخلاقيا وسلوكيا دون أن نشعر..
وجُلّ المشوهين نفسيا نتاج مثل هذه البيوت والبيئات المضطربة التي لا تلتفت لبراءة ولد صغير أو بنت ضعيفة..
وكم تحوي القبور من أصحاب أوزار تحت ترابها ذهبوا هم وبقيت أوزارهم يرسلها إليهم أولادهم الضائعون بعدهم، وهم الذين كانوا ينبغي أن يرسلوا إليهم الدعوات لا اللعنات!!
بقي أن أخبركم أن هذا الرجل القاسي لم يأتني من أجل مصيبته الرهيبة، إنما جاءني ليبحث عندي عن علاج لذلك الولد الذي شذ جنسيا لأنه أصبح عديم الشخصية، فتسلمه شذاذ المجتمع لقمة سهلة سائغة بلا مقاومة!!
ليت الآباء يقرءون الرسالة من القصة قبل فوات الأوان..
والتي مفادها:
مذ أصبحت أبا، لم تعد ملك نفسك... فكل أعمالك تلتقطها عيون وقلوب تتأثر بها ولو بعد حين..
فإما أن تكون كتاب حسنات مفتوح... أو كتاب أوزار كذلك.
وما أصعب أن ترزق نعمة الولد فتكفر بها بتربية خبيثة، وأخلاق أخبث.
#خالد_حمدي