عندما نصب على قلبها جبلا ... فتحطّــــــــــــــــــم ...

احصائياتى
الردود
29
المشاهدات
3K
معلومات سمية علي الشرفي
إنضم
17 سبتمبر 2011
المشاركات
821
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الموقع الالكتروني
so0omah.blogspot.com
عندما نصب على قلبها جبلا ... فتحطّــــــــــــــــــم ...
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمدا سرمديا لا يحصيه عددا ولا يقطعه أبدا و أصلّي و أسلّم على خير البرية كلما طلع النهار و ولّى ..









رواية .... عندما نصب على قلبها جبلاً ... فتحطّـــــــــــــم ...


ما هو الشيء الذي تحطّم ؟؟
أتحطّم قلب تلك المسكينة بسبب ثقل الحمل ...
أم
تحطّم ذلك الجبل و الحمل بقوة إيمان ذلك القلب وثقته بخالقه ؟؟؟



_N_ الفصــــــــل الأول _N_


*** لمـــاذا تفرح يا صغيري بألمـــــي ***






بينما كنت أرقب أختي الغير شقيقة ترضع من والدتها بهدوء و اطمئنان ..إذا بها تتقيأ ما ارتضعته كله ....و هكذا يتكرر استرجاعها بين الحين والآخر ....لست أعلم إن كانت تشتكي من مرضٍ ما...لكن الموقف بذاته يخيفني ويرعبني مجرد التفكير في فقدها ..كيف لا و هي أول أخت لي ...فأنا أمي لم تنجب سواي ....الأمر الذي اضطر والدي للزواج من أخرى ...كي لا أستوحش ...هكذا سمعته مرة حينما كان يترجى والدتي .... و لا أعلم لماذا كانت تصرخ و تستعطفه كثيرًا ...و بما إني فرحُ جدًا تمنيتها أن تفرح معي وتشاركني فرحتي ...فسيكون لنا أشخاص لم نعتد على وجودهم في بيتنا الصغير بل في غرفتنا الصغيرة ...



في ذلك اليوم عندما ذهب أبي ...ذهبت أنا لأفرح أمي بالأخبار التي لم تتخيلها قائلاً : أمي ستكون لنا أمٌ جديدة كما قال أبي ..فإذا بها تصرخ من جديد ...ازدردت ريقي و أكملت ...وستكون لنا طفلة جديدة ألعب معها وأرعاها و تلعبين معنا ...فإذا بها تسقط أرضَا مغشيًا عليها ...

يا للهول ...ماذا أقول لأفرحها ...ما بها أمي ...آه ياااربي ..

يا أمي ...سيكون لي أشخاص كثيرون أفرح من أجلهم وتفرحين ...لكنها ظلت صامتة ... و أنا لا أعلم ماذا أقول ....


آآآآخ يا ربي ...ماذا أفعل ...
تلفتُ يمنةَ و يسرةَ لعلي أجد ما يوقظها ...فأرشدني الله للماء ..فذهبت مسرعاَ أجر خطواتي جرًا ...فإذا برجليّ تنزلق في أرضية المطبخ الجديدة التي عملها أبي مؤخرًا بعد أن كانت أرضيته يغمرها التراب ...
نهضت مرةً أخرى فأنا لا أشعر بألم رجليّ بعد أن كانت هذه الحادثة تحدث ضجّة عند أمي ...ها أنا لم أشعر بها الآن ...
وصلت عند والدتي و سكبت بعض الماء على وجهها ...ففتحت عيناها ...و سألتني أين هي ؟
دُهشت من سؤالها ..ورددتُ عليها ...من هي ؟
فلم تجبني ..اكتفت بمسح قطرات الماء من على وجهها ..و مشت بضع مليمترات ...حتى وصلت للمرحاض ... أما أنا فانشغلت بجمع ألعابي .. و هنا تذكرت ألم الانزلاق ...و فجأةً لم أشعر به حينما سمعت صرخات متتالية تنبع من المرحاض ...لا بد و أنها والدتي ...
ما بها أمي لا تفرح مثلي ....عجيب أمر هذا الزمن ...لعلها لم تعلم بعد ...
فكرت بعدها أن لا أحدّثها بأمر الأم الجديدة و الأطفال ... لأنها لا تفهم ما يفرحني ...بعد أن كانت تحضر لي كل ما أتمناه و أفرح به....
تذكرت ..نعم ...
ففي مرة من المرات قالت لي ...يا بنيّ سأعطيك كل ما يفرحك ..و لو طلبت عمري لأعطيته لك ....
ممممم ...
إذن ما بها اليوم تتصرّف بتصرفات غريبة عّما اعتدتُ عليه ..
لا بد وأنّها نسيت ..
نعم سأذكّرها حالما تخرج من المرحاض ...
لم أنتظر كثيرًا حتى خرجت بوجه محمرّ وكأنّها نامت عشرين سنة ...
و عندما كدتُ أن أناديها إذا بها تصرخ قائلة ..اصمت ..
آآآآه ..أنا ...نعم ..حاضر ..سأصمت حتى حين ....
صوت المفتاح يدور في فتحة الباب ...من المؤكّد أنّه أبي ..
صادف وقت خروج أمي من المرحاض بوجهٍ كئيب دخول أبي من الباب الرئيسي بوجهٍ فرح بل علامات الرضا و السعادة تتسابق عليه ...
و أنا ذو الوجه الفرح المنكسر لا أعلم كيف استطاعت دمعةٌ من عينيّ أن تسقط على ثغري المبتسم ..ما هذا الشعور ؟؟
أحببت أن أنضم إلى أبي و أشاركه الفرحة لكن ما لبث أن تغيّرت تعابير وجهه عندما رأى والدتي بهذه الصورة ..
ذهب إليها و لم يلتفت إليّ ...
ماذا حدث ...لماذا يتصرفون هكذا ؟؟
أنا مدللهم الوحيد ..
ربااه ..ماذا حدث ..
الحمد لله ستكون لي أمٌ جديدة و أطفال أيضًا ...لا بأس ...
سأذهب أطهّر جرحي ...ولأول مرة ..بعد أن كان والدي يتولّى الأمر بينما والدتي تتولى أمر مسح دموعها ...
الآن ...أنا سأتولى أمري بنفسي ... و سأبكي بنفسي ...بعد أن كنت أبرؤُ من المهمّتين ..أصبحت أتولاهما و في عشيةٍ و ضحاها ...
إذن لا بأس ...
إنّي متشوّقٌ لأمي الجديدة و أطفالها ...متى يا تُرى أراهم ...و استمتع بصحبتهم كبقية أصدقائي ..
بعد ذلك ....
نام الصغير و هو يحلم بلقاء الأحبة ... و بجانبه عدّته ...



و ما هي إلا ساعات معدودة ...
حتى خرج الوالدان من غرفتهما إلى حيث ينام الصغير ...في المطبخ ... نعم .. هو و معدّاته الطبيّة...
فزع الأب حين رأى مطهّر الجروح بجانبه ..خشي عليه كثيرًا ....قلبّه و هو نائم , فرأى جرحًا بسيطًا يبدو و كأنه حديث الإصابة ... آه .. سلامتك ..صغيري..

لكن أمه صرخت حين رأت المطهر ....لأنها قد أفرغت فيه مؤخرًا محلول الغسيل ...
سليماااان .....بنيّ ...حبيبي ....
استيقظ فزعًا ....
فصراخ والدته له وقعٌ خاصٌ في قلبه ...فهي لا تصرخ إلا من عظيم ...صرخاتها في زمنها محدودة .....
ما بالك يا بنيّ ...لماذا المحلول هنا ...
أيّ محلول ..
إنّه محلول الغسيل في وعاء مطهر الجروح ..قد أفرغته فيه مؤخرًا حينما أحضره والدك و هو مثقوب ....

أظنه قد ثُقب عليه أثناء حمله لبعض الأغراض ...
لا بأس ..
أخبرني ماذا عملت به ..
آه يا أمي ...إني انجرحت قليلاً في قدمي ...فظننته مطهر الجروح ....
يا إلهي ..أرني قدمك ..
يا إلهي ...
كان الأب يقلّب نظراته بينهما بفزع ...
إذن ..
لماذا وضعتيه قريبًا من متناول يده ...
ردّت عليه بعنجهية ...و ما يدريني ..أنّه سيقع و قد يحدث له جرحًا غائرًا ..
الوقت ليس في صالحنا ...
هيا بنا إلى العيادة ..
و في العيادة ..طمئنهم الطبيب ..أنها لا تحتاج سوى لتعقيم بسيط ..فعقّمه ... و لفّ عليه بالشاش ....
و حمدا الله على السلامة ...
حقّا في تلك الليلة قد عاد بعض الدلال للفتى الصغير بعد أن كان راعيًا لأمه وصرخاتها و نام متوسطًا أبويه ...لكن إحداهما كان مواريًا ظهره ..
لا بدّ أنّها والدته ...المجروحة جرحًا لا يبرأ ...
مرّت تلك الليلة بأمان ..إلى أن انتصف الليل ...حين تشبّث الفتى الصغير بوالده و هو نائم ...و يتمتم بكلمات غير مفهومة ...
استيقظ الأب فزعًا و أخذ يبسمل على صغيره و يمسح على وجهه و جسده ...
سأله أباه ماذا رأيت يا قطعةً من قلبي ...
أبي ...لقد رأيتني أسقط على بركة ماء .... و أتخبط فيه ...و أناديك و لم تجبني ...بالرغم أن المسافة بيننا ليست ببعيدة ....
أبي ..
حبيبي ..
لا تتركني ...
اغرورقت عينا الأب ...و أخذ يهدّئ صغيره ... و يقول ..
لا تصدق كل ما ترى ..
أنا أبوك ...
و سأبقى بجانبك ....حتى آخر رمق ..
فأنا لم أُرزق بك حتى أكملتُ سبعًا من السنين ...كانت شديدة ..
و سوف لن أتركك بهذه السهولة ..
نم حبيبي مطمئنًا بجوار والدك ..
نام الصغير ..
لكن الأب ظلّ يفكّر فيما يراه صغيره في المنام ..
و حينها ...فكّر ..أن لا يقدم على فكرة الزواج ..
فابنٌ في يديه أفضل من أبناءٍ في أيدي آخرين ...
لكني ...
أحبها ..فهي وحيدة و حزينة ...
لم أنسها و لو للحظة ..
فمنذ طلاقها و عودتها إلى أهلها ..أشعر و كأني شربتُ ماءً باردًا بعد عناء العطش ..
كيف لي أن أنساها ...
فتاة الأحلام ...


و قرب الفجر أن يبزغ .. و هو لا زال يتخيّلها .. و يشكلها حيث شاء .. و يخاطبها ...
زاد تعلّقه بها عندما فكّر لحظةً أن ينهي هذه الفكرة ...

عقله يُرشده أن ينهي هذه الزيجة ...
لكن هيهات للعقل أن يعمل ..عندما يشتعل القلب ...
فدخانه قد أحجب عقله ووعيه ...
و خياله قد غذّي بأحاسيس فؤاده ...
اللــــــــــه أكبر ..الله اكبر ..
قطع تفكيره صوت المؤذن ..
أيقظ زوجته الحزينة....و ذهب لأداء صلاة الفجر مبكّرًا ..
لم يكن في المسجد سواه و المؤذن ...
انطرح بين يدي ربه باكيًا ...
إلهي ماذا أعمل ..
قلبي ..
أم عقلي ...
صغيري ...أم فتاتي ...
ظل يتوسل ربه ويسترجيه حتى أقيمت الصلاة ....
اليوم إجازة ..
سأرتاح قليلاً ...




سأكمل لكم في الغد بإذن اللـه تعالى .

حبيباتي ....حقوق الطبع محفوظة باسمي بارك الله فيكم , فمن أرادت النشر فلا تنسى المصدر و الاسم و لكم جزيل الشكر و التقدير ..
.
[/CENTER]
 
معلومات سمية علي الشرفي
إنضم
17 سبتمبر 2011
المشاركات
821
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الموقع الالكتروني
so0omah.blogspot.com
الفصل الثاني ... الزمن القادم أجمل ....

اليوم لديّ مقابلة في مدارس الفكر , كيف لي أن أذهب و بأيّ وجه أقابلهم , بل كيف لي أن أنجح في الحياة الخارجية , و أنا لم أستطع أن أنجح في داخل بيتي كأم و زوجة .
لماذا ؟؟
أنا نجحت و هذه شهادة الكل , بل هو الذي لم ينجح , هو الذي يريد أن يفكّك العش الذي بنيناه سوية .
سأتوكل على الله و أتقدّم , فربما نجاحي كمعلمة يتبعه نجاحٌ أسري , ما يدريني .


خرجت من دورة المياه , أخذت المجفف و جفّفت شعرها القصير , وضعت بعض المساحيق , ما زال أنفها محمرًا من أثر البكاء الذي يداهمها كل صباح حينما تستيقظ .
أسقطت خصلة من الجانب الأيمن , و ربطتها بمطاطات ملونة صغيرة , و وضعت بعض الاكسسوارات الملونة على ردائها الأسود , فظهرت بعض الحياة على وجهها و جسمها , ارتدت عباءتها , تنظر لهاتفها بين فترة وأخرى تنتظر من زوجها اتصالاً كي تخرج , بينما هي تنتظر ذهبت للثلاجة ترى ماذا تأكل في هذا الصباح الباكر , أخذت بضع تمرات و كأس من اللبن , و في هذه الأثناء ظهر اسم (( قمر حياتي )) على هاتفها , انشغلت عن الرد بالاسم الذي وضعته من قبل سنتين , و سرحت و لم تلبث حتى حذفت هذه العبارة , إلى لا شيء .
و خرجت .

السلام عليكم ..
أنا الأستاذة هناء ...
ردّت مديرة المدرسة .. أهلاً أهلاً أستاذة هناء ..
سألتها بعض الأسئلة ..
و كانت الإجابات تدل على امرأة مثقفة , مطّلعة , لديها من الحماس ما يكفي لاشتعال المدرسة بالعلم و الرقي .
إذن ...فغدَا أول يوم تستهلّين به درسك في مادة الأحياء , و ستهتمين بالصف الثاني العلمي .
إن شاء الله أستاذة ميرفت .
مع السلامة .
في أمان الله .
عادت إلى البيت و قد تركت بعض الحزن حيث كانت , تركت بعضًا منه في السيارة , و البعض الآخر في المدرسة .
و عادت خفيفة .
تدور في المنزل ..و تفكّر في يومها الأول و لقائها مع طالباتها , كيف ستكون أول حصة , و لفت نظرها بعض الشحوم الزائدة في خصرها , آه , ماذا أفعل , كيف لم أعلم بوجود تلك الشحمات , نعم فأنا لم أنظر لنفسي منذ فترة , انشغلت بابني حبيبي الذي جاء متأخرًا .
سأشتري بأول راتب سير كهربائي , و سأشتري حاسب محمول , نعم و ماذا أيضًا .
سأوفّر جزء من راتبي للأيتام و المساكين , فضميري يؤنبني كل ما رأيتهم .
فآخر خبر قرأته أحاط بي من الحزن و الكآبة الشيء العظيم .
وهناك حيث يقول الخبراء أن خيرات الأرض لو تمّ توزيعها بالعدالة لكفت الستة مليارات من البشرية الذين يعيشون فوقها و برفاهية .
و هناك خبر يقول : تبلغ ثروة ثلاثة من أغنى أغنياء العالم ما يعادل الناتج المحلي لأفقر 48 دولة، كما أن ثروة 200 من أغنى أغنياء العالم تتجاوز نسبتها دخل 41% من سكان العالم مجتمعين”
و خبر آخر بعنوان كبير في هامش جريدة ما .. يعيش حوالي نصف سكان العالم البالغ عددهم ستة مليارات نسمة على أقل من دولارين يوميا للفرد الواحد، وهذا معيار الفقر المطلق العائد إلى نقص الدخل. ويعيش حوالي خمس سكان العالم على أقل من دولار واحد يومياً للفرد، وهذا حد الفقر المدقع.
يا إلهي ..ماذا عليّ أن أعمل , ابني حبيبي لو فقد شهيته بضع ساعات أكاد أجن , فما بال أناس لا يعرفون الطعام و الشراب أيامًا , يا إلهي , ماذا دهانا ..
قررتّ أن أجعل نصف راتبي لفقراء العالم , و سأضع جمعيّة خاصة لهم , سأحدّث مديرتي بذلك , و سأحدّث أهلي .
و دخلت في دوامة بكاء جديدة , لكن هذه المرة ليس للسبب الذي نعرفه , بل من أجل الإنسانيّة .. التي أشعلتها صورة تذكرتها أثناء تصفحها لجريدة يوم الأمس .. كانت تحكي قصة ألم الجوع الذي اجتاح طفلاً و بجانبه نسراً ينتظره و النسر لا يأكل إلا العظام , و لأنّ الطفل كذلك انتظره النسر .
نهضت بعد ذلك لتتوضأ وتصلي و تسأل الله أن يعينها على قراراتها الجديدة , و نسيت أن تطلب من ربها ككل ليلة أن يبعد عنها شبح الضرة .
و لأنها أصبحت من ذوو الفكر الراقي , كيف لا و هي ستصبح معلمة في تلك المدارس .
لا بدّ و أن تبدأ بنفسها قبل ذلك ..
ماذا سأعدّ اليوم ..
ذهبت لتلقي نظرة سريعة في ثلاجتها فأخرجت بعض الخضر كالملفوف و البطاطا و الفلفل الأخضر البارد و أخرجت ايضًا طبق من اللحم المفروم .
حمرّت البصل و باقي الخضر و أضافت اللحمة و تركتها قليلاً بعد ان أضافت بعض الملح و البهار .
و أحضرت بعض من فاكهة الموسم , قطعتهم بشكل جميل و مغري و زينتهم بالكريمة الخفاقة .
و هكذا أصبحت وجبة الغداء جاهزة .
و ما هي إلا دقائق حتى عاد الصغير برفقة والده .
أهلا بنيّ , رحبّت به وأخذته في أحضانها على غير عادتها الأخيرة .
استشف نبيل أن هناك ثمّة متغيرات إيجابية حمد الله على ذلك سائلاً إياه أن تكون بادرة خير .
سلمت يداك يا أمي , لقد أعجبني الطبق , شكرًا أمي .
بالهناء و الصحة حبيبي .
حاول نبيل أن يقول بعض الكلمات , لكن هناء أصرّت أن لا تتكلم إلا بما يفيد , و هكذا أصبحت هي الصامتة , بعد أن كان هذا اللقب من نصيب زوجها .
و مرّ اليوم جميلاً .
هناء سعيدة بقراراتها الجديدة , و نفسيتها المتحسّنة بعض الشيء , بعد أن أثنت عليها مديرتها كثيرًا بحماسها و فكرها .
حضرّت دروسها و أحضرت لوحة و جدولتها لتكون هناك مسابقة في آخر الحصة , لأنّ الطالبات سيستوعبن و يتحمسن أكثر إن كانت هناك مسابقة وجوائز , لا بأس سأضع جائزة , و هي عبارة عن آيس كريم من المقصف , لأني سأضطر لعمل ذلك في كل يوم .
و لأشعل الحماس و حب العلم في الفتيات , سأضع بجانب السبورة اسم كل طالبة مميزة في ذلك اليوم .
و هكذا ...فإذا انتهى الشهر , سأجمع أسماء الطالبات المتكررة , و أعطيهم بعض الميزات , من ضمنها سأعفيهم من واجب واحد , و سأضع لهم درجات المشاركة الكاملة , و سأذيع أسمائهنّ في الإذاعة .
لا شك أنها مميزات ولا أروع .
و ايضًا سأعمل للطالبات الغير مشاركات برنامجًا آخر , على إثره يتغيّرن للأفضل , سأركّز عليهنّ في الحصة و أشيّد بوجهات نظرهنّ , و سأكون معهنّ كالأم لأولادها , كيف لا و أنا معلمة الأجيال سأكون بإذن الله .
و نامت بسلام , و كأنّها أول ليلة من الليالي الآمنة , نامت و هي قريرة العين بقراراتها التي ربما ستغيّر بعض الأشخاص , من العطاء و النبل , و العلم و الرقي الحماس .
و في الصباح .
السلام عليكم ...
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
بابتسامة بسيطة شقّت طريقها على شفافها بعد طول زمن ..
كيف أنتن طالباتي ..
ناقشتهنّ في المعلومات العامة , لتستشفّ من أثرها مدى تدفق الوعي لديهن , لاحظت ردود أفعال نيّرة زاد حماسها بالرغم من أن البعض لا يُظهر أي ردة فعل , و هناك في آخر الصف تسند فتاة ظهرها على الكرسي الملاصق للجدار , وتحركه أمامًا و خلفًا ببلاهة واضحة .
ستكونين أنت بالذات فتاتي المميزة , فعملي هنا بإذن الله أن يزيد المتميزات تميّزًا , و المتبلدات قوةً و ذكاءً .
ما اسمك عزيزتي ؟
أنا ؟
نعم أنت ..
أنا ... نور ..
اسمك جميلٌ مثلك , و نيّر كعقلك , سبحان الله اسم على مسمّى , حدّقت الطالبة ببلاهة أكثر , بل باندهاش قائلة : هذا من ذوقك أستاذة ..
ابتسمت الأستاذة تاركة فوق الطالبة علامات استفهام لم تجد لها في عقلها متّسعًا .



حبيباتي ...
موعدنا غدًا بإذن الله تعالى .
 

Um Mariam 2010

New member
معلومات Um Mariam 2010
إنضم
13 يناير 2011
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
راشع تبارك الله
بانتظارك أخيتي الكريمة
متابعة معك بإذن الله تعالى
 
معلومات سمية علي الشرفي
إنضم
17 سبتمبر 2011
المشاركات
821
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الموقع الالكتروني
so0omah.blogspot.com
بسم اللـه الرحمن الرحيم أكمل روايتي ....

لا إلـــــــــــه إلا اللــــه ..... بها أموت و بها أحيــــــــــا .....

اللـهم صلي وسلم على مصطفاك .... كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ...





&___N___& الفصــــــل الثـــــالث &___N___&

... رانيــــــــــــــــــــة .... يا ترى ما ســــــــرها ....







لا أعلم كيف أذهب و أقابل أهلها , بل لا أعرف كيف أفاتحهم بالموضوع , فلا تزال هناك عشرة أيام و تنهي العدة , آآآآه ...ما أطولك .

رنّ الهاتف ....فأخفض صوت التلفاز ....نعم ..أنا نبيل نعم ..ماذا هناك ؟؟
أهلاً وائل ..كيف حالك ؟؟ منذ زمن لم أسمع صوتك ؟؟
الله يسلمك ..أنا و الأهل كلنا بخير و لله الحمد ..
حمدًا لله على سلامتك ..
إذن سننتظرك الليلة على العشاء , أرجوك اعمل جهدك كي نتناول العشاء سوية , ننتظرك , في أمان الله ..
هناء .. هنـــــاء ..آه إنّها نائمة .
التقط من جانبها قلمًا وورقة و بدأ يكتب ..
زوجتي العزيزة ..
سيكون عندي في المساء ضيف و جار قديم , أرجوك اهتمي في إعداد الطعام , ارفعي رأسي ككل مرة .. شكرًا لك مقدمًا ..
و وضعها على صدرها , ثمّ رنا إليها طويلاً , و ذهب .


رُفع أذان العصر فاستيقظت هناء و رأت الورقة , ابتسمت في ألم , و كتبت بجانبها كلمة واحدة فقط (( حاضر )) .

و في المساء التقى الصديقان بحميمية واضحة , و سأل كل منهما عن الأوضاع والأحوال و تناقشا في عدة مواضيع .
و أنت يا صغير في أيّ صف ؟
أنا في الصف الثاني .
جميل .
لماذا ؟
لأنك كبرت , و ستكبر .
ردّ الفتى , مع ذلك ليس لديّ إخوة , هكذا أسمعهم يقولون .
سيكون لك أخ و أخت إن شاء الله .
حدّق الفتى الصغير في وجه الأستاذ وائل , ثمّ قال ... نعم و أم جديدة كذلك.
استنكر وائل ما سمع , فأعاد الصغير ما قال , فالتفت إلى صديقه .
فأبدى أبوه شعورًا غريبًا , بل لا شعور .
و مرّت بعض الدقائق خالية إلا من النفس , خرج الصغير , فبادر وائل بالسؤال , ماذا هناك ..؟؟
امتعض وجه نبيل و هو يقول .. فكّرت أن أرتبط بفتاةٍ أخرى ..
و لماذا .. و من هي ؟؟
زوجتي أنجبت طفلاً واحدًا فقط , و لا أريده أن يستوحش , فقرّرت أن أرتبط بأخرى .
من تكون هي يا نبيل ؟ فأنت تعلم أننا أصدقاء و الصديق لا يخفي عن صديقه أمرًا كهذا..
اشتعلت النيران في وجه نبيل , فقال : إنّها رانية .
لكنها متزوجة يا نبيل .
لقد طلقها زوجها يا وائل .
لكنها رجعت يا صديقي العزيز .
مااااااااااااااااااااااااااذااااااا ؟؟
نعم لقد عادت إلى زوجها .
لاااااااااااااا ....لاااااااااااا ...لماذااااا..؟؟
و ظلّ يتذمّر و يزمجر ..حتى
دخلت هناء و صغيرها إلى حيث يجلسون , فاستوعب نبيل أخيرًا ما فعله عندما رأى زوجته و ابنه , نادته هناء و خرجت , ثمّ تبعها , و هناك حملقت فيه كثيرًا , و علمت كل الذي حدث , فالغرفة ملاصقة للمطبخ الذي كانت تتواجد فيه لتعدّ المائدة , و تركته دون أن تنبس ببنت شفة .

صديقي نبيل , اجلس و استرخِ و احكي لي فأنا صديقك المقرّب .
نعم , زوجوها أهلها و هي صغيرة , و بدون علمها , لم تعلم إلا ليلة زواجها , في تلك الليلة كنت أرقب العريس بعيون قاتلة , و لم أستطع حتى تناول العشاء , ليلتها بكيت كما يبكي الأطفال , و ولولت كما تولول النساء إذا فقدن أبنائهنّ , و بعدها سافرت سنتين لأحاول أن أنسى , لكن هيهات , ظلّت ذكراها حتى في السفر , كنت أرى النساء بوجهها , ثمّ ..ثمّ رأيتها .. نعم رأيتها تلمحني بينما كنت أمشي في الحديقة , كنت أظنها الفتاة التي أحبها , لكنّها ليست هي , بل أخرى تشبهها كثيرًا , فقرّرت أن أتزوجها لتشابههما الكبير , و وافقت و أقمنا حفل الزواج و استمتعنا بشهر العسل , كنت أخاطبها على أنّها حبيبتي و أحبها على أنّها هي , و غيّرت اسمها فكنت أناديها رانية , كانت تندهش و تسألني عن السبب , و أكتفي بأنّ الاسم يعجبني كثيرًا , ثمّ قرّرنا أن نعود للوطن بعد أن تأخّرنا في الإنجاب , و ذهبنا إلى كثير من مستشفيات الوطن و الخارج حتى رزقنا الله بسليمان كان هو أول فرحتي , تغيّرت كثيرًا بعده , فأمه انشغلت به عني , و تركتني قليلاً لأفكّر برانية الحقيقية , فرأيتُ بعض الاختلافات كان الجميل في زوجتي الحالية , لكن الحب للفتاة الغائبة , و مرة من المرات التقت زوجتي بتلك الفتاة في زيارة لبعض الجارات مع و الدتي , و وقتها أخبرت والدتي زوجتي بأنّ تلك الفتاة و أنا كنا نحب بعضنا كثيرًا في الطفولة , و لم تعلم أمي أنّي لا زلت على ذلك الحب , فسألتها زوجتي عن اسمها فأخبرتها أنّها رانية , و عندها خارت قواها فاستأذنت من الدعوة مدّعية ببعض الآلام في معدتها , وانصرفت , ووقتها حدثت مشاجرات كثيرة , و لم أستطع بعدها أن أناديها برانية , فالسر قد انكشف , و ها هي تتطلّق من زوجها و تعود للوطن , هنا تنفستُ الصعداء , و علمت أن الدنيا ستضحك لي هذه المرة بحقيقة ليست زائفة كما كاّنت من قبل , و ها أنت تأتي لتخبرني أنها عادت إلى ....
ثمّ دخل في موجة اخرى من الآهات و الدمعات .
لا بأس عليك صديقي , ستكون الأمور بخير , هي لم تعد لزوجها إلا لأنّها ترغب فيه و تحبه ولا تريد غيره .
لو كانت تريدك لم تكن لتتزوج وتتركك ..
نعم ..لكن أهلها يا وائل أجبروها لأنّه ذو منصب مرموق .
إذن هي لم تكن لترضى بك فأنت لم تكمل حتى تعليمك , و هي تعمل الآن معيدة في الجامعة في قسم الفنون الجميلة , كيف ستتوفقان .
حقًا يا وائل ؟؟ أمتاكد أنت ؟؟
نعم فهي و أختي تتحدّثان وتتقابلان من وقت لآخر .
" لا ريب , سأكمل تعليمي " يحدّث نفسه ..
سأتركك تفكّر أنك لن تسعد إلا مع زوجتك , فهي حقًا زوجة ناجحة و أم ناجحة .
إلى أين يا وائل ؟؟ أنسيت العشاء ؟
لم أنسَ لكن الوقت مشحون ببعض الموجات السلبية .
لا بأس يا وائل , الآن سألطّف الجو , و ذهب لزوجته , و لم يستطع النظر في عينيها , طلب منها أن تجهّز المائدة و تكلّف الصغير بإحضارها شيئًا فشيئًا , أومأت هناء رأسها بالإيجاب و بدأت في تجهيز المائدة .
تناول يا حبيبي غدائك مع أبوك وصديقه ..
لا يا أمي ...فوجه أبي يخيفني ..
ردّ عليها وشفاهه قد تشكّلت كالقوس المقلوب ..
إذن فلتتناول مع والدتك ..
تعدّل شكل القوس للأعلى ...و طبع قبلة على يد والدته ..
لكن هناء رفعته حتى تقابل وجهه وجهها و ظلّت تقبّله و تقبّله حتى دخلت في موجة بكاء عارمة ...
يا أمي أنا أحبك ... أرجوكِ كفّي ...أرجوكِ ..و ذهب ليمسح أثر دمعاتها التي أصبحت سرًا لابنها سليمان الذي لن يكتشف هذا السر إلا بعيدًا .. جدًا ..
و في الغرفة المجاورة ...
الحمد لله
سفرة دائمة نبيل , الأطباق لذيذة و مغذّية , هنّأك الله بزوجتك .
و ودّعه على أمل أن يلتقيا قريبًا بأخبار جميلة ..







في الفصل الرابع .....
من هي الفتاة التي ستنسيه فتاة الطفولة .... ؟؟
وكيـــــــف ستقوم بهذه المهمة الصعبة على عشيق هاوٍ ؟؟



انتظروووني في الغد بإزن اللــــه تعالى ...
تقبلن ودي واحترامي ..... ســــوؤومآآآ ....
 

نورأيامي

New member
معلومات نورأيامي
إنضم
6 مايو 2009
المشاركات
141
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
قطر
راوية مميزة ننتظر الاحداث بشوق

افضل شيء للانسان المجروح ان ينشغل بشيء مفيد فعملها سيسلعدها كثيرا في نسيان جرحها ومشاكلها مع زوجها وسيكون عندها هدف سامي تسعى لتحقيقه
 
معلومات سمية علي الشرفي
إنضم
17 سبتمبر 2011
المشاركات
821
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الموقع الالكتروني
so0omah.blogspot.com
نور أيامي ...
بارك اللـه فيك ... سبب عذابنا أغلبه شدة التفكر في أمرِ ما حتى أصبحنا نعبده و نقدّسه و نحن لا نعلم ...

أشكر مرورك ..
تقبلي ودي ....
سومآآآ
 

Um Mariam 2010

New member
معلومات Um Mariam 2010
إنضم
13 يناير 2011
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
أتوقع الفتاةالتي سوف تنسيه فتاة الطفولة ستكون ابنته ربما ستنجبها له هناء
سلمت يمناك
بانتظار إبداعك
 
معلومات سمية علي الشرفي
إنضم
17 سبتمبر 2011
المشاركات
821
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الموقع الالكتروني
so0omah.blogspot.com

الفصل الرابع – ليلى الشريرة -






في فترة الظهيرة ..و بعد تناول وجبة الغداء التي كانت تحضرها هناء عندما تستيقظ قبل صلاة الفجر ..تحضرها ..ثمّ تصلي ..لتُعدّ وجبة الإفطار المكونة من الرطب أو التمر و الحليب و البيض ...ثمّ تضع وجبة الغداء في الثلاجة حتى موعد مجيئها لتقوم بعد ذلك بتسخينها ..
أبو سليمان : سلمت يداك هناء ..
هناء و بصوت لا يسمعه إلا من يراقب شفاهها : سلمك الله .

و ما هي إلا بضع دقائق ....حتى ملأ الشخير أركان الغرفة الصغيرة ..
فلم تستطع هناء النوم ...
أمّا سليمان فلم يهمّه الأمر لذلك غطّ في نومٍ عميق ..
و هناء فلأنّها مرهقة و لا تستطيع النوم في أجواء مزعجة .....فضّلت أن تتناول مذكّرتها وتبدأ في كتابة ما استجدّ منها ..
في أول صفحة ..
هناء نصّار ...
34 عامًا ..
معلمة مادة الأحياء ..

و في الصفحة التي تليها
ابتدأتها ب " بسم الله الرحمن الرحيم "

كنت وما زلت أحب أن أحقق طموحاتي , و أن يكون لحياتي هدفًا أسمو إليه , أول ما رأيته في حديقةٍ غنّاء كنت أنا وعائلتي نقضي وقت الصيف في أرجاء تلك البلدة , بعد ما فقدتُ خطيبي في حادث سير , كان أبو سليمان يشبهه كثيرًا ....في مشيته و سرحانه ...فتبسّمت حينها لسببٍ واهم ...و بسبب تلك الابتسامة ..
تزوجنا سريعًا ..
وعدنا للوطن ..
و مضت فتر طويلة و نحن ننتظر ابننا سليمان الذي وصل متأخرًا فملأ حياتنا بهجة و سرورًا ..
كان نبيل يناديني برانية بعد ما أخبرني في ليلة الزفاف أنّه سيناديني به , لسبب أنّه يريدني أن أكون قريبة منه نظرًا لمعنى الاسم ...فسررتُ و وافقتُ ...و لست أعلم أنّ من يتمناها زوجًا له اسمها رانية ...
الحمد لله لقد اختفى شبحها بعودتها لزوجها ....
أمّا أنا فجرحي لا يبرأ ...
منزلي صغير ...لأنّ زوجي العزيز مملاً ...لا يريد أن يستمر في أيّ عمل مكتبي ...إنّه يهوى التجارة ... حتى أنّه بالكاد يعثر على فرصة ليعمل ...إلا ويصيبه داء الملل ...هذا الداء الذي لا أجد له علاجًا ....لا شك و أنّه شعر بالملل مني ...إذًا ..لماذا يريد أن يرتبط بأخرى ؟؟

أخلاقه سيئة لكنّه حنون جدًا ...يسيء التصرف لكن لا يلبث حتى يعتذر منه .. و هكذا أيامه ....أخلاق سيئة تتبعها اعتذارات ...
يتمسّك بدينه ثم يعود ...
ينظّم برامجه ثم يفكّكها ....كل يومٍ جديد ...له أفكاره الجديدة الخاصة به ...نهاره لا يتشابه ...و لياليه من الصعب أن تجد فيّ أيّ منها تقاربًا ,,,
يومًا يكون رجل الإنقاذ ... و يومًا رجل النظافة و الترتيب .... و آخر يكون فيه كسولاً .. و أحيانًا مبدعًا نشيطًا .... و هكذا ...لقد أصبت بالدوار ...لكنّه أفادني كثيرًا ...في تنوّع ثقافتي ..و شحن دماغي ...
كل ليلة أخمّن فيها ما يمكن أن يحدث في اليوم التالي ... إلا و كل تخميناتي تبوء بالفشل ....
بكل بساطة ..إنّه رجلٌ غريب الأطوار ...

هذه الصفحة خاصة بابني العزيز ....

سامحني يا بنيّ فبرغم اشتياقي العظيم لمجيئك .... إلا أنّي أهملتك في الفترة الأخيرة ...
سامحني يا بنيّ فأنت لا تعلم ما معنى أم جديدة ..أطفال جدد من غيري ..
هذا الشبح بعينه ...
و أكملت و هي لا ترى إلا بصعوبة من شدة تزاحم ماء عينيها ...
حبيبي ..
سوف أدعو الله دائمًا أن نرزق بطفلة جميلة مثلك ...
لا تقلق ...يا فلذة من كبدي ..
موجات الحياة تلاطمت من حولي ..فأين أضع نفسي ...وإلى أين التفت ... و بمن أهتم و لمن أترك زمام أموري ...
مدرستي الحبيبة ..أحبها كثيرًا ..أحب طالباتي .. و أحب المعلمات ...حتى ليلى التي لا ترد على سلامي ... و تخرج من الغرفة عندما أتواجد أنا ...لا أريد أن أسيء الظن ...فالأيام كفيلة بتوضيح كل ذلك ..


في الصباح الباكر ...دخلت هناء المدرسة مبكّرة كعادتها ...ألقت السلام على العاملة منى ...لكنّها لم ترد ..أكملت مسيرها و أثناء صعودها للسلالم لمحتها من بعيد ...فرأت وجهها مكتئبًا كغير العادة ...ما بها ؟؟ عجبًا ..
سأعرف ما بكِ لاحقًا إن شاء الله ..
ألقت السلام على المعلمات ... و قالت بابتسامة هادئة مثلها : ما رأيكن يا أستاذات في نهاية الأسبوع نذهب لمركز الأيتام ..بعد ما نجلب معنا ملابس العيد و الكماليات ...فاليوم آخر يوم في الشهر ...و بعد الفسحة إن شاء الله سنفتح الصندوق ...و أتمنى أن تكون النقود كافية لشراء جميع الحاجيات ...
المعلمة بدور : نعم يا عزيزتي أتمنى أن يحصل ذلك منذ زمن ...لنطمئن أن لدينا قلوبًا تنبض ... فالوقت كله ضائع بين القيل و القال و أخبار الأسرة و المديرة و الطالبات ...نتمنى أيضًا أن نستبدل تلك الأحاديث بالجميل منها و المفيد .
المعلمة ماريا : بالتأكيد يا حبيبتي فنحن لا نحس بآلامهم ولا نشعر بهم ..
و كل المعلمات أظهرن تجاوبًا عظيمًا .. و كأنّهن يردن فقط من يشحذ هممهنّ و يقوّي إرادتهنّ ...
دخلت المديرة ميرفت ...و تساءلت عن سبب الحديث المرتفع من الصباح الباكر ... فردّت بعض المعلمات عليها ...و عن فكرة الأستاذة هناء ...
هزّت المديرة رأسها تجاوبًا و هي تقول : بارك الله فيك يا هناء ...من أول حضورك للمدرسة و أنا أشتم منكِ رائحة زكية ...
هنا ....قفزت المعلمة ليلى من مكانها .... ووّلت إلى الخارج ...و على وجهها علامات استياء و غضبٌ لا يًعلم سببه ..
التفتت المعلمات على بعضهنّ ...بذهول ..
وتغاضت عن ذلك المديرة ....

و بعد الفسحة ...اجتمعت المعلمات على صندوق الرضى كما راق لهنّ تسميته ...
و كانت المفاجأة ...9500 ريال ....
هناء بصوت عالٍ : راااااااائع آآه ...رائع جدًا ...و الله لم أتوقعه إلا ألفا ريال ...واو .. الحمد لله ..
امممم
هناك نقود بفئة الخمسين ريالاً ..سأعدّها ...عشرين ورقة ..بالتأكيد هي لواحدة من المعلمات اعتادت ان تضع منها كل صباح ...ما شاء الله ...
و الغالب كان بفئة العشرين ريالا و العشرة و أقلّها الخمسة ريالات ...
و في اليوم الذي يليه ... أقيم حفل تكريم للمعلمات المثاليات ... و كانت هناء أولهنّ ...بينما ليلى لم تكن سعيدة الحظ بالمثالية في هذه المرّة ...فاستشاطت غيظًا و صارت تدبّر المصائب تلو الأخرى حتى توقع بهناء ...
ابتدأت بالعاملة منى ...فأخبرتها أنّ هناء منافقة ...تبدو ضاحكة وتعود مبتسمة ...لكنّها تكذب كثيرًا .. و تجمع المال منك ومن المعلمات في صندوق ..و تزعم أنّها ستوزّعه على الأيتام و المساكين ...لكنّها في حقيقة الأمر ..تصرفها على نفسها ...فهي فقيرة جدًا ... لأنّها معلمة بالتعاقد فراتبها لا يكفيها , فاعتمدت تلك الطريقة و أنّها كشفتها بطريقتها الخاصة ..
هنا انصدمت العاملة التي بالكاد تحصل على ألف ريال في آخر الشهر ... و مع ذلك أحبّت أن تشارك بخمسة ريالات في كل يوم ...بعد أن أخبرتها هناء بما سيخلفه الله للمتصدقين ...
و كثير عليها أن تفقد ثمانون ريالاً كلّ شهر و هي تعول خمسة من البنات وابنٌ واحد ..لأبٍ مقعد ...
و أثناء الانصراف رأت هناء أن تبدأ بالأقرب فالأقرب ...
هناء : أستاذة منى ..." هكذا راق لها أن تناديها "
منى نظرت لها بذهول : نعم ..
هناء : هذه خمس مائة ريال أخذتها من الصندوق و قلت لعلكِ تحتاجينه أو تعرفين محتاجًا فتسلّميه له ..
هنا تهلّلت أسارير منى ...فصارت تبكي بكاء مشنّجًا ..
وعلامات الاستفهام تطوف حول رأس الأستاذة كالإعصار ..
تمهلي .. منى .. أنا لم أطلب منك مالاً أو نفقاتٍ إلا ليعود الفضل إليكِ ... ألم تسمعي قوله تعالى في الحديث القدسي " يا ابن آدم انفق أنفق عليك " ...
كفّي عن البكاء ....لقد جفّت دموعك ....
أرجوكِ ..كفّي ...لقد تقطّعت نياط قلبي ...
أخبريني ..
ماذا دهاكِ ...

و أخيرًا ....
توقّفت عن البكاء .....بل ..أظنّها قد جفّت ينابيع عينيها ...


و في قلبها ...انكسار ... و خضوع .. لتسرّعها و لأنّها أخبرت بائعة المقصف بذلك ...و جميع العاملات ...دون استثناء ...
منى : ماذا أعمل ...يا إلهي ...
و فجأة قفزت في ذهنها فكرة ...
ضريبة الخطأ ....الاعتذار ..
إذن ...سأعتذر منها .... و أُخبر كل من أخبرته بخطأ ما كنا نتوقّعه ..و أنّني سمعتهم يتحدّثون فتحدّثت و أنا لم أفهم شيئًا ....
اعتذرت من الأستاذة ... و أخبرت العاملات ....و صار كل شيءٍ على ما يرام ..
و الغريب في الأمر ..أنّ الأستاذة لم تلحّ لتعرف من هي صاحبة الإشاعات ...
لا بدّ و أنّها تعرف بذلك ...


و في يوم الخميس ...
اجتمعت المعلّمات للذهاب إلى مركز الأيتام ...بعد ما شروا بعض الهدايا و الملابس و الحلوى و العصائر الطازجة ...
وانصرفوا ....
على الجانب الآخر ....
لم تستجب ليلى لفكرة جمع بعض الأموال ....بل وزادت على ذلك ...أنّ هذا مجرّد سخافة ...الدولة تكفّلت بجميع مطالب اليتامى ...و كأنهم إنما يحتاجون للمال فقط ...


أول ما رأيت هناء ..شعرتُ أنّها مغرورة ....و تريد أن تثبت نفسها وقدرتها على النجاح ....
لكنّي كنت الأقوى منها ....
" ليلى و خطيبها فؤاد يتحدّثان عبر الهاتف " ...
ماذا عملتِ يا ليلى ؟؟
في بداية الأمر ...كانت تتحرّك بطريقة ملفتة للأنظار ... لا أستطيع أن أطلق عليها إلا أنّها سذاجة معلّمة حديثة ....
بل و لا تملك من مساحيق التجميل سوى الكحل و ملمّع الشفاه ...وكأنّها مستغنية ....
تترك في بعض الأحيان شعرها المجعّد طبيعيًّا ....و لا تهتمّ به ....و كأنّها أتت من العصر الحجري ...
و مع ذلك استطاعت أن تستحوذ على قلوب الكل ..
سأكسرها تلك الساحرة المتعجرفة ....
كنتُ أنا المثالية في العام المنصرف ....
أمّا هذه السنة فقد أخذت اللقب مني ....
و اضطررت أن ألبسها تاج المثالية ... و أمام الكل ...
من تلك اللحظة و أنا أقسمتُ أنّي لأضع سمعتها تحت التراب ....
فؤاد : كفاكِ حقدًا عزيزتي ....ماذا يهمّك فيها ؟؟
أرجوكِ أنا لم أتصل بكِ لتحكي لي عن صديقاتك و ما يلبسن و يفعلن ...
أنا أريدك أنتِ فقط ..أرجوكِ ...
كل يومٍ و أنت على هذا الحال ...
لا بدّ و أنّها أجمل منك أيضًا ...و لمَ الغيرة إذن ؟؟
النساء لا يفكّرن في النجاح كما يفكّرن في الزينة و الجمال ...
حبيبتي ..
عندما تتحسّنين عودي واتصلي بي في أيٍ وقتٍ شئتِ ...
مع السلامة ...
أنا في انتظارك ..
لكن هناك ...
تحطّم الهاتف المحمول ...بعد ما رمته ليلى بكل ما أوتيت من قوة ...
قائلة : إذن يا فؤاد ...سأنتقم منك أيضًا ....
....


سوف أكمل لاحقًا بإزن المولى
تقبلن تحياتي ... سومآآآ
 
معلومات سمية علي الشرفي
إنضم
17 سبتمبر 2011
المشاركات
821
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الموقع الالكتروني
so0omah.blogspot.com

الفصل الخامس – وباعت عاطفتها -​


و في مركز الأيتام ...تهللّت أسارير الصغار و استلموا هداياهم فرحين مستبشرين ..
إلا ....
طفلة ..كانت في السابعة من عمرها ...

تناولت هديّتها ...و رجعت لمكانها دون ابتسامة تسرَ من أهداها ...

راقبتها هناء من بعيد فرأت أنّها لا تلعب مع قريناتها.... و عندما دنت منها ...سألتها عن اسمها ...

ثمّ أخذت تحكي لها حكايتها و أنّها كانت و هي صغيرة مثلها تتمنّى أن تلعب مع الصغيرات ...

وأنّ هناك الكثير أيضًا لم يحظَ بفرصة الأقران ...

قالت لها : استمتعي بطفولتك يا دينا ...فعندما تكبرين ستتمنّين أن تعودي طفلة لتلعبي مع قريناتك ...

إلا أن صمتها زاد الأمر سوءًا و حيرة ....

ذهبت إلى الإدارة تسأل عن حالها ...إلا أنّ المديرة لم تتجاوب أيضًا....

سألت العاملات ...فظهرن لامباليات أبدًا بما حلّ بتلك الطفلة ....

فكّرت هناء ...و عرفت أنّ صديقاتها هنّ الأعرف بها ...

أخبرتها صديقتها ليندا التي تكبرها بثلاث سنوات , أنّها كانت تبلّل الفراش أثناء نومها ...فضربتها العاملة ... و هي نائمة ...

صرخت بعدها الصغيرة ... فاستيقظ كل الصغار من صرخاتها ....

فتعهّدت أن لا تعيدها ....

فأصبحت تذهب للمرحاض كل ساعة خوفًا من تلك العاملة ...

إلا أنّها أعادت الكرّة...و بلّلت الفراش أيضًا ..

فما كان من العاملة إلا أن هدّدتها بالسكين و جرحتها في ساقها أيضًا ....و الطفلة تجري و هي تلحقها ....حتى إننا خفنا جميعًا ....و أصبحنا نمسك بأيدي بعض ...

فتمسكها العاملة من شعرها و تمزّقه ...و الصغيرة تصرخ ...فأخذت تغلق على فمها و تضع خرقةً باليةً في فمها حتى لا تستيقظ العاملات ...

فسقطت الصغيرة مغشيًا عليها من انقطاع نفسها ..

الصغيرة تحكي ... و هناء صامتة ..حتى عينيها صمتت ..

أكملي ماذا بعد ...

سكبت عليها بعض الماء فاستيقظت تعبة هزيلة صفراء اللون ....

و هي كذلك من ذلك اليوم ...

هناء : و كم مرّ على تلك الحادثة ...

ليندا :عندما كانت في الصف الأول .. و هي الآن في الصف الثاني ..

هناء : و ماذا عن بلل الفراش ليندا ...

ليندا : أصبحت العاملة تلبسها الحفاظ ... و هي تبكي من غير صوت ...

و كل يومٍ و هي تبكي على فراشها ...و تنظر إلينا و نحن ننظر إليها ..

وتستيقظ فزِعة و تبكي ...أسألها ما بكِ ..

تقول لي ....الفراش مبلّل ..

لكنّه من جهة وجهها ...فأطمئنها أن هذا البلل من البكاء ...فتهدأ ...

و كل يومٍ و نحن على هذا الحال ...

بل و أصبحت تعاني من الالتهاب ....فتنام و هي تبكي من الخجل .... و نظرات أقرانها ..

و تستيقظ و هي تبكي من ألم الالتهاب ....

هناء أصابها الذهول ...و علمت أنها في رغد من العيش ...حتى لو تزوّج زوجها بكل نساء الدنيا ...

و من دون تفكير, قرّرت هناء أن تتبنّى تلك الضعيفة , فبعد أن أخذت الإذن من زوجها أخبرت المديرة

برغبتها في تبنّي تلك الطفلة فرفعت المديرة بدورها الأمر للجهات الرسمية المختصّة بذلك .


و في نفس الوقت أخذت تشرح الأمر للمديرة و الضغوط النفسيّة التي ترميها تلك العاملة على الضعيفات ,
لكنّها لم تكترث كثيرّا للأمر , مما زاد الأمر سوءًا لدى هناء , فأخذت تلك الصغيرة كل ما تبقّى من عقل هناء , تفزع من نومها ليلاً و تدمع عيناها صباحًا .

و بعد أسبوع من تلك الحادثة , كانت الصحف مليئة بخبر معلمات المدرسة وما قمن به وما يسعين إليه

, و ذُكرت أسماء المعلمات التي قمن بزيارة الأيتام الصغار , فعلمت وزارة التعليم بذلك , فقدّمت لكل

واحدة منهنّ جائزة ثمينة و زيادة في الراتب بمعدّل الخمس و أثبتت نفسها هناء فثبت اسمها رسميًا .


و في أقصى المدينة تسكن ليلى مع والدتها في منزل راقي ذو طابقين , في الطابق الأول تجلس ليلى على

الأريكة تتصفّح كعادتها كل خميس صحف الأسبوع الماضي , و بينا هي كذلك أحرق بريق عينيها اسم

هناء و صديقاتها يتصدّر الصفحة الثالثة من صحيفة هي الأولى من نوعها في تلك البلدة , قرأت الخبر و

التفتت لفنجان قهوتها المفضلة فشربته وأعادت السكب و أخذت تفكّر فلم تستطع , فأعادت القراءة مرة

و أخرى كي تعي ما يُكتب إلا أن عقلها الصغير أبى أن يدخل فيه ما يكره , حتى أعادت قراءة الخبر ببطءٍ

شديد كطالبٍ في الصف الأول .


أنهت الخبر أخيرًا , ثمّ وضعت رأسها جانبًا و تزمّلت و تدثّرت بردائها , فشعرت بقشعريرة تسري في

أطرافها , على إثرها دخلت في دوامة من التفكير العقيم حتى رحمها النوم فنامت حاقدة حاسدة , على

نفسها لائمة .....


استيقظت بعد ساعات من النوم المنهك ,و في عقلها ألف فكرة وفكرة , إلا أنّه بدا لها أن توقعها بأشدّها خطورة و أعظمها ضررًا .

زوجها ..نعم زوجها ....سأدخل على حياتها وأسلبها زوجها فتترك من بعده عملها و مثاليتها فأرجع أنا

لمثاليتي و أستعيد غروري و خيلائي .. و سأمشي وأهزّ خصري ....و كأني ملكت عصري .









 

من نحن ؟؟

موقع نسوة : هي شبكه عربيه تهتم بكل ما يخص المرآه وحياتها اليوميه يعمل منذ سنوات لمساعدة والمساهمه في انجاح كافة الامور الحياتيه للمرآه العربيه