معلومات سمية علي الشرفي
عندما نصب على قلبها جبلا ... فتحطّــــــــــــــــــم ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا سرمديا لا يحصيه عددا ولا يقطعه أبدا و أصلّي و أسلّم على خير البرية كلما طلع النهار و ولّى ..
الحمد لله حمدا سرمديا لا يحصيه عددا ولا يقطعه أبدا و أصلّي و أسلّم على خير البرية كلما طلع النهار و ولّى ..
رواية .... عندما نصب على قلبها جبلاً ... فتحطّـــــــــــــم ...
ما هو الشيء الذي تحطّم ؟؟
أتحطّم قلب تلك المسكينة بسبب ثقل الحمل ...
أم
تحطّم ذلك الجبل و الحمل بقوة إيمان ذلك القلب وثقته بخالقه ؟؟؟
_N_ الفصــــــــل الأول _N_
*** لمـــاذا تفرح يا صغيري بألمـــــي ***
*** لمـــاذا تفرح يا صغيري بألمـــــي ***
بينما كنت أرقب أختي الغير شقيقة ترضع من والدتها بهدوء و اطمئنان ..إذا بها تتقيأ ما ارتضعته كله ....و هكذا يتكرر استرجاعها بين الحين والآخر ....لست أعلم إن كانت تشتكي من مرضٍ ما...لكن الموقف بذاته يخيفني ويرعبني مجرد التفكير في فقدها ..كيف لا و هي أول أخت لي ...فأنا أمي لم تنجب سواي ....الأمر الذي اضطر والدي للزواج من أخرى ...كي لا أستوحش ...هكذا سمعته مرة حينما كان يترجى والدتي .... و لا أعلم لماذا كانت تصرخ و تستعطفه كثيرًا ...و بما إني فرحُ جدًا تمنيتها أن تفرح معي وتشاركني فرحتي ...فسيكون لنا أشخاص لم نعتد على وجودهم في بيتنا الصغير بل في غرفتنا الصغيرة ...
في ذلك اليوم عندما ذهب أبي ...ذهبت أنا لأفرح أمي بالأخبار التي لم تتخيلها قائلاً : أمي ستكون لنا أمٌ جديدة كما قال أبي ..فإذا بها تصرخ من جديد ...ازدردت ريقي و أكملت ...وستكون لنا طفلة جديدة ألعب معها وأرعاها و تلعبين معنا ...فإذا بها تسقط أرضَا مغشيًا عليها ...
يا للهول ...ماذا أقول لأفرحها ...ما بها أمي ...آه ياااربي ..
يا أمي ...سيكون لي أشخاص كثيرون أفرح من أجلهم وتفرحين ...لكنها ظلت صامتة ... و أنا لا أعلم ماذا أقول ....
آآآآخ يا ربي ...ماذا أفعل ...
تلفتُ يمنةَ و يسرةَ لعلي أجد ما يوقظها ...فأرشدني الله للماء ..فذهبت مسرعاَ أجر خطواتي جرًا ...فإذا برجليّ تنزلق في أرضية المطبخ الجديدة التي عملها أبي مؤخرًا بعد أن كانت أرضيته يغمرها التراب ...
نهضت مرةً أخرى فأنا لا أشعر بألم رجليّ بعد أن كانت هذه الحادثة تحدث ضجّة عند أمي ...ها أنا لم أشعر بها الآن ...
وصلت عند والدتي و سكبت بعض الماء على وجهها ...ففتحت عيناها ...و سألتني أين هي ؟
دُهشت من سؤالها ..ورددتُ عليها ...من هي ؟
فلم تجبني ..اكتفت بمسح قطرات الماء من على وجهها ..و مشت بضع مليمترات ...حتى وصلت للمرحاض ... أما أنا فانشغلت بجمع ألعابي .. و هنا تذكرت ألم الانزلاق ...و فجأةً لم أشعر به حينما سمعت صرخات متتالية تنبع من المرحاض ...لا بد و أنها والدتي ...
ما بها أمي لا تفرح مثلي ....عجيب أمر هذا الزمن ...لعلها لم تعلم بعد ...
فكرت بعدها أن لا أحدّثها بأمر الأم الجديدة و الأطفال ... لأنها لا تفهم ما يفرحني ...بعد أن كانت تحضر لي كل ما أتمناه و أفرح به....
تذكرت ..نعم ...
ففي مرة من المرات قالت لي ...يا بنيّ سأعطيك كل ما يفرحك ..و لو طلبت عمري لأعطيته لك ....
ممممم ...
إذن ما بها اليوم تتصرّف بتصرفات غريبة عّما اعتدتُ عليه ..
لا بد وأنّها نسيت ..
نعم سأذكّرها حالما تخرج من المرحاض ...
لم أنتظر كثيرًا حتى خرجت بوجه محمرّ وكأنّها نامت عشرين سنة ...
و عندما كدتُ أن أناديها إذا بها تصرخ قائلة ..اصمت ..
آآآآه ..أنا ...نعم ..حاضر ..سأصمت حتى حين ....
صوت المفتاح يدور في فتحة الباب ...من المؤكّد أنّه أبي ..
صادف وقت خروج أمي من المرحاض بوجهٍ كئيب دخول أبي من الباب الرئيسي بوجهٍ فرح بل علامات الرضا و السعادة تتسابق عليه ...
و أنا ذو الوجه الفرح المنكسر لا أعلم كيف استطاعت دمعةٌ من عينيّ أن تسقط على ثغري المبتسم ..ما هذا الشعور ؟؟
أحببت أن أنضم إلى أبي و أشاركه الفرحة لكن ما لبث أن تغيّرت تعابير وجهه عندما رأى والدتي بهذه الصورة ..
ذهب إليها و لم يلتفت إليّ ...
ماذا حدث ...لماذا يتصرفون هكذا ؟؟
أنا مدللهم الوحيد ..
ربااه ..ماذا حدث ..
الحمد لله ستكون لي أمٌ جديدة و أطفال أيضًا ...لا بأس ...
سأذهب أطهّر جرحي ...ولأول مرة ..بعد أن كان والدي يتولّى الأمر بينما والدتي تتولى أمر مسح دموعها ...
الآن ...أنا سأتولى أمري بنفسي ... و سأبكي بنفسي ...بعد أن كنت أبرؤُ من المهمّتين ..أصبحت أتولاهما و في عشيةٍ و ضحاها ...
إذن لا بأس ...
إنّي متشوّقٌ لأمي الجديدة و أطفالها ...متى يا تُرى أراهم ...و استمتع بصحبتهم كبقية أصدقائي ..
بعد ذلك ....
نام الصغير و هو يحلم بلقاء الأحبة ... و بجانبه عدّته ...
و ما هي إلا ساعات معدودة ...
حتى خرج الوالدان من غرفتهما إلى حيث ينام الصغير ...في المطبخ ... نعم .. هو و معدّاته الطبيّة...
فزع الأب حين رأى مطهّر الجروح بجانبه ..خشي عليه كثيرًا ....قلبّه و هو نائم , فرأى جرحًا بسيطًا يبدو و كأنه حديث الإصابة ... آه .. سلامتك ..صغيري..
لكن أمه صرخت حين رأت المطهر ....لأنها قد أفرغت فيه مؤخرًا محلول الغسيل ...
سليماااان .....بنيّ ...حبيبي ....
استيقظ فزعًا ....
فصراخ والدته له وقعٌ خاصٌ في قلبه ...فهي لا تصرخ إلا من عظيم ...صرخاتها في زمنها محدودة .....
ما بالك يا بنيّ ...لماذا المحلول هنا ...
أيّ محلول ..
إنّه محلول الغسيل في وعاء مطهر الجروح ..قد أفرغته فيه مؤخرًا حينما أحضره والدك و هو مثقوب ....
أظنه قد ثُقب عليه أثناء حمله لبعض الأغراض ...
لا بأس ..
أخبرني ماذا عملت به ..
آه يا أمي ...إني انجرحت قليلاً في قدمي ...فظننته مطهر الجروح ....
يا إلهي ..أرني قدمك ..
يا إلهي ...
كان الأب يقلّب نظراته بينهما بفزع ...
إذن ..
لماذا وضعتيه قريبًا من متناول يده ...
ردّت عليه بعنجهية ...و ما يدريني ..أنّه سيقع و قد يحدث له جرحًا غائرًا ..
الوقت ليس في صالحنا ...
هيا بنا إلى العيادة ..
و في العيادة ..طمئنهم الطبيب ..أنها لا تحتاج سوى لتعقيم بسيط ..فعقّمه ... و لفّ عليه بالشاش ....
و حمدا الله على السلامة ...
حقّا في تلك الليلة قد عاد بعض الدلال للفتى الصغير بعد أن كان راعيًا لأمه وصرخاتها و نام متوسطًا أبويه ...لكن إحداهما كان مواريًا ظهره ..
لا بدّ أنّها والدته ...المجروحة جرحًا لا يبرأ ...
مرّت تلك الليلة بأمان ..إلى أن انتصف الليل ...حين تشبّث الفتى الصغير بوالده و هو نائم ...و يتمتم بكلمات غير مفهومة ...
استيقظ الأب فزعًا و أخذ يبسمل على صغيره و يمسح على وجهه و جسده ...
سأله أباه ماذا رأيت يا قطعةً من قلبي ...
أبي ...لقد رأيتني أسقط على بركة ماء .... و أتخبط فيه ...و أناديك و لم تجبني ...بالرغم أن المسافة بيننا ليست ببعيدة ....
أبي ..
حبيبي ..
لا تتركني ...
اغرورقت عينا الأب ...و أخذ يهدّئ صغيره ... و يقول ..
لا تصدق كل ما ترى ..
أنا أبوك ...
و سأبقى بجانبك ....حتى آخر رمق ..
فأنا لم أُرزق بك حتى أكملتُ سبعًا من السنين ...كانت شديدة ..
و سوف لن أتركك بهذه السهولة ..
نم حبيبي مطمئنًا بجوار والدك ..
نام الصغير ..
لكن الأب ظلّ يفكّر فيما يراه صغيره في المنام ..
و حينها ...فكّر ..أن لا يقدم على فكرة الزواج ..
فابنٌ في يديه أفضل من أبناءٍ في أيدي آخرين ...
لكني ...
أحبها ..فهي وحيدة و حزينة ...
لم أنسها و لو للحظة ..
فمنذ طلاقها و عودتها إلى أهلها ..أشعر و كأني شربتُ ماءً باردًا بعد عناء العطش ..
كيف لي أن أنساها ...
فتاة الأحلام ...
و قرب الفجر أن يبزغ .. و هو لا زال يتخيّلها .. و يشكلها حيث شاء .. و يخاطبها ...
زاد تعلّقه بها عندما فكّر لحظةً أن ينهي هذه الفكرة ...
عقله يُرشده أن ينهي هذه الزيجة ...
لكن هيهات للعقل أن يعمل ..عندما يشتعل القلب ...
فدخانه قد أحجب عقله ووعيه ...
و خياله قد غذّي بأحاسيس فؤاده ...
اللــــــــــه أكبر ..الله اكبر ..
قطع تفكيره صوت المؤذن ..
أيقظ زوجته الحزينة....و ذهب لأداء صلاة الفجر مبكّرًا ..
لم يكن في المسجد سواه و المؤذن ...
انطرح بين يدي ربه باكيًا ...
إلهي ماذا أعمل ..
قلبي ..
أم عقلي ...
صغيري ...أم فتاتي ...
ظل يتوسل ربه ويسترجيه حتى أقيمت الصلاة ....
اليوم إجازة ..
سأرتاح قليلاً ...
سأكمل لكم في الغد بإذن اللـه تعالى .
حبيباتي ....حقوق الطبع محفوظة باسمي بارك الله فيكم , فمن أرادت النشر فلا تنسى المصدر و الاسم و لكم جزيل الشكر و التقدير ...[/CENTER]
اسم الموضوع : عندما نصب على قلبها جبلا ... فتحطّــــــــــــــــــم ...
|
المصدر : الروايات