علموا أولادكم أن يبكوا

[راجيه الرضا]

علموا أولادكم أن يبكوا إذا حزنوا، إذا خافوا، إذا تألموا، إذا فرحوا...
لا تكبتوا بكاءهم...
إياكم وهذه العبارة الظالمة التي تقتل إنسانيتهم!: "لا تبكي...الرجل لا يبكي"!!
بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد الرجال، وبكى أصحابه حتى ابتلت لحاهم...
إذا بكى ابنك ليستدر عطفك وتسمح له بما يؤذيه فلا تتجاوب معه، لكن لا تمنعه من البكاء..
دعوا أبناءكم يُنَفسون عن مشاعرهم بالبكاء..لا تعلموا أبناءكم أن يحبسوا دمعتهم فتنقلب مشاعرهم غضباً أو انكساراً من الداخل!
ها قد بلغت من العمر ما بلغت وأنا أتمنى أن أبكي "براحتي" عند فرحي، عند حزني، عند تلاوة كتاب ربي، عند الحديث عن محطات عظيمة في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وفي المواقف المؤثرة عموماً...أن أبكي بلا حرج أمام الناس، وأن أبكي "براحتي" في خلوتي...
كنت أتهم قلبي بالقسوة...لكني حين رحمت نفسي قليلاً من جَلدها اكتشفتُ أن ما لدي مِن مشاعر جياشة لا يقل عما لدى كثير ممن أغبطهم على بكائهم "بطلاقة"...لكني ببساطة: لم أتعود أن أبكي! ولا بيئتي بيئة بكاء...فأتلبَّك وتحجزني عن البكاء كوابح تركبت في نفسي! وإذا بكيت فبكاءً مكبوتاً!
البكاء نعمة...دمعة من عينيك أمام أبنائك وأنت تحدثهم عن الله ورسوله والجنة أفعل في النفس من ألف خطبة !
دمعةٌ أمامهم وأنت تدفن أحد والدَيك أبلغ من ألف درس عن البر والوفاء...
إن لم تنزل هذه الدمعات فلا تتهم نفسك بالقسوة ولا تكرهها...فقد تكون ببساطة عُوِّدتَ -للأسف- أن "الرجل لا يبكي"! مع أن قلبك طيب ومشاعرك فياضة ! لكن لا تنقل العدوى إلى أبنائك! واسأل الله لي ولك قلباً رقيقاً وعيناً دامعة..

د.إياد قنيبي​