معلومات صمت الشفاه
- إنضم
- 8 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 415
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
طريق مغلق
الجزء الأوللكم تمنيت يا أمي أن أغمض عيناي يوماً لعلي أرى ملامح وجهك ليهدأ وجعي ..لكم تمنيت أن أملك تسجيلاً صوتياً لك حتى أستمع إليه عندما يقتلني الحنين إليك ..لكم تمنيت أن أرى صورة لكِ حتى أستطيع رسمك حين تطلب منا معلمة الفنون رسم لوحة فنية تعبر عن الأم .. لكي أستطيع أن أصنع لك بطاقات التهنئة السنوية والتي يصنعها زملائي في المدرسة لتقديمها لأمهاتهم .. جميع من حولي من صديقات ما زالت أمهاتهم على قيد الحياة .. هل هذا اختبار رباني يا ترى؟ أخبريني هل سأكتفي بالصبر أمي؟هل أنا مجبرة على أن أجمع حزني وأكتم غصتي كلما تحدث أحدهم عن أمه وكم هما سعيدان معاً؟في كل عام من يوم ميلادي أُسأل السؤال ذاته .. لمَ لا تحتفلين بيوم ميلادك؟كيف لي أن أحتفل وهو يوافق يوم وفاتك؟غبتِ عن الدنيا قبل أن أراك .. قبل أن أحتضنك ..قبل أن أسمع نبرة صوتك .. أكاد أصاب بالجنون كلما أتذكر كلام والدي عندما أخبرني بأنك رحلت قبل أن تريني حتى!هل لكِ أن تدركين الآن .. كيف لأم وابنتها أن لا يلتقيان أبداً .. !شعور مرعب جداَ .. أمي ... قبل شهر من اليوم .. مضى على ولادتي وعلى وفاتك ثماني عشرة سنة .. عشت مع أبي في أستراليا منذ يوم وفاتك .. ولدت هنا وبقيت وحيدة معه طيلة السنوات هذه .. لم ألتقي بعائلتك .. ولا بعائلته حتى .. لا أعرف أي شيء عنهم جميعاً .. ولا أعلم لمَ يغضب والدي عندما أطلب منه أن يحدثني عنهم .. كل ما يطلبه مني أن أتجاهل الموضوع ولا أفكر به مطلقاً ! فكما أخبرني بأنهم تخلوا عنك عندما تزوجت به ولم يرغبوا بكما لأسباب لا أعلمها .. أخبرني أيضاً بأن عائلتك طلبوا منه أن يعتنوا بي عندما علموا بأمر ولادتي لكنه رفض ذلك ومنعهم من القدوم لرؤيتي حتى !بالمناسبة .. أصبح أبي رجل أعمال ناجح .. لكنه فاشل في تربيته لي .. لم يمنعني يوماً عن الخطأ .. يسمح لي بفعل كل ما يحلو لي .. لا أعلم إن كان مقصده كي لا يحزنني أكثر.. لكنه يخرج عني لساعات طويلة جداً .. ويعود في ساعات متأخرة من الليل ..! يقضي باقي الليلة في التحدث على الهاتف مع امرأة سعودية ثلاثينية أخبرني لاحقاً عنها بأنه يخطط للزواج بها .. وقراره هذا جعلني أقف على قدماي بكل قوة و أفكر في طريقة ما لأبحث عن عائلتك لعلهم يشفقوا علي عندما يروني .. مع علمي بأنهم لا يرغبوا بي كون أبي تزوج بك..!أمي .. هل ترين أن قراري هذا صائباً؟ أريد الذهاب وبشدة .. لا أريد البقاء هنا .. لم يحرمني أبي من شيء ولكنه ليس أباً صالحاً أمي .. لا أنكر حبه لي ووقوفه بجانبي وقت حزني ومعاملته اللطيفة وخوفه علي لكنني أشعر بنقص شديد في حياتي ... لا وجود لجد ولا جدة ولا عائلة .. كبرت وتعلمت أن الوحدة صعبة جداً .. وقاتله ..!إليك قراري أمي .. سأبتعد عنك لفترة لا أعلم كم مدتها .. قد خططت للذهاب غداً إلى السعودية برفقة أحد صديقاتي في الجامعة .. ومنها سأتوجه إلى عُمان ... لا أملك أي شيء يساعدني على معرفة عائلتك سوى عنوان منزل وجدته على أحد أوراق الرواية التي استعرتها من أبي حديثاً .. لكنني سأحاول جاهدة فعل كل ما بوسعي لإيجادهم وأوكل أمري إلى الله ..! أبي لم يعارض على فكرة ذهابي إلى السعودية برفقة صديقتي .. يثق بي ثقة عمياء ودائما ما يقول لي بأني فتاة خلوقة ومهذبة .. لن يتوقع مني أن أتجرأ للسفر وحيدة إلى عُمان دون علمه.. لهذا اطمئني أمي .. لن أعود هنا قبل أن أقابل عائلتك... هدفي وغايتي أن أرى صورة لك.. سأجوب المحيطات والبحار لرؤيتك .. هل يملكون صور كثيرة لك يا ترى؟ كم أود رؤية طفولتك أمي .. هل كنت مشاغبة ؟ لا أظن .. لأنني كنت طفلة عاقلة جداً وناضجة .. أنا متأكدة بأني أشبهك .. فأنا لا أحمل أي من ملامح والدي ..دمت بخير أمي ... فلتبقي بسلام هنا ... أحبك ...مسحت على قبرها ونظرت إلى صديقتي السعودية والتي تعرفت عليها قبل نصف سنة : هل يا ترى ستفتقد زيارتي لها؟رنا بنظرة حنونة : ستفتقدك ولكنها سعيدة جداً بذهابك سمر ابتسمت رغماً عني : رنا! هل تعلمين بأن الله يحبني؟رنا : كيف ذلك؟" بإرسالك لي .. لولاك لما امتلكت الشجاعة هذه لخوض مغامرة صعبة .. مغامرة البحث عن عائلتي"رنا : سمر؟ هل تذكرين كيف تفاجأتُ أنا عندما أخبرتني بأنك لم تري أمك مطلقاً؟! قلت لك لا بد وأنك تمزحين .. حينها أصبت بحالة انهيار وبدأت بالبكاء لمدة ساعة دون توقف!" ولكنك بقيت بجانبي "رنا : وأنا سعيدة كوني صديقتك.. كوني قوية .. لن أدعك تعيشين الوجع هذا حتى ليوم واحد .. كنت صامدة لمدة طويلة .. يجب أن تفعلي شيئاً حتى تحققي حلمك .. لتتعرفي على والدتك التي لم تري صورتها ولم تسمعي صوتها حتى ! والدك لا يعقل .. يخفي عنك كل شيء ! رجل غامض" ماذا وإن عرف والدي بذهابي إلى عُمان؟ "رنا : سنفكر في هذا لاحقاً .. لأن التفكير في السفر بذاته أتلف دماغك .. فلتشفقي عليه الآناقتربت منها وأمسكت بيداها : عديني أن تكوني بجانبي مهما حدث لي! لا أملك أحداً غيرك رنا .. من المحتمل أن يتخلى والدي عني عندما يعلم بذهابي إلى عُمان رنا تمسح دموعي : سمر .. حبيبتي .. أنت لست مجرد صديقة غربة .. أنت أختي التي لم تلدها أمي لأني لا أملك أخت في السعودية .. أملك أخ فقط يكبرني بعام واحد .. أنت بمثابة أختي الصغرى بما أنني أكبرك بثلاثة أعوام .. تعلمت من الغربة الكثير .. وعرفت كم هو صعب العيش وحيدة .. بعيدة عن عائلتك ... لذلك لن أسمح لك بالبقاء هنا .. يجب أن تذهبي .. يتبع,,
اسم الموضوع : طريق مغلق
|
المصدر : القصص والروايات الواقعية