زوجــ ولكـ 6 ـن ــات •:*¨`*:•. مفـــــــاجـــــــأة •:*¨`*:•.
أنهيت ساعات العمل الإضافية .. وانطلقت من فورى إلى الطريق .. ها قد مرت ثلاث ساعات وهو هناك .. ترى ما الذى حل ببيتى الآن؟ .. حاولت الإسراع أكثر لأنقذ ما يمكن إنقاذه .. فأنا أعلم ما الذى ينتظرنى .. فما من مرة سبقنى فيها زوجى الحبيب إلى البيت حتى عدت لأجده مقلوبا رأسا على عقب وأظل ساعات أدور حول نفسى لأعيده إلى حالته الأولى .. ناهيك عن المطبخ وكأنه ضُرب بأحد الصواريخ .. لا أعلم سر تلك الهواية المدمرة التى يعشقها .. والتى تجعله ينتهز أى فرصة ليقتحم المطبخ ويظل يصول ويجول فى أرجاءه مقنعا نفسه بأنه طاه بارع لا يضاهى .. ويظل يتفنن فى صنع أطباق عجيبة ينتهى الحال بإجبارى وأطفالى المساكين على تناولها قهرا .. هذا بجانب الدمار الذى يلحق بالمطبخ والثلاجة والأوانى والأطباق التى يُكسر نصفها فى تلك المعارك المباركة .. كم حاولت إقناعه بالعدول عن تلك العادة العجيبة والتى يندر وجودها فى الرجال .. فالمطبخ شأن خاص بالمرأة وهو مملكتها الخاصة .. وإن كان هناك رجال برعوا فى هذا المجال دون شك ولكن تبقى الأغلبية منهم تنتهى حدودهم عند المائدة فقط لتناول الطعام ونقده أحيانا .. وهناك من الأزواج المثاليين من يقوم برفع الأطباق من على المائدة وتوصيلها للمطبخ حتى تقوم الزوجة بتنظيفها .. أما محاولة الطهى ووضع استراتيجيات الأصناف وعمل مناورات لضبط المذاق والنكهة فلا أظن أن أحدا دون زوجى يهتم بها .. ويملك ذلك الإصرار العجيب للمحاولة تلو الأخرى .. وكلها محاولات فاشلة بل هى مدمرة ليس فقط لمعدتى ومعدة أطفالى بل لميزانية البيت أيضا .. فما يستهلكه هو فى معركة واحدة من معاركه المطبخية يكفينا أسبوعا كاملا .. وليته يعتمد على أحد الكتب فى فن الطهى مثلا ولكنه يصر على الإبداع .. وما أبدع ما تنسجه أنامله لنا .. إن لديه القدرة على تغيير التركيب الفطرى للأطعمة ومسخها إلى مكونات غير صالحة للاستخدام الآدمى .. ولا الحيوانى .. أذكر ماذا حل بقطة جارتنا عندما تسللت إلى مطبخنا بعدما أنهى زوجى إحدى إبداعاته .. لقد هرعنا إلى المطبخ على صوت مواء يمزق القلوب وكانت المسكينة تتلوى على الأرض وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة .. كل ما كنت سعيدة من أجله هو أنها أنقذتنا من تلك الكارثة التى كانت بانتظارنا .. كانت الأفكار السوداء تتقاذفنى وأنا فى الحافلة وعيناى على عقارب ساعتى .. وأخيرا وصلت .. أسرعت على الدرج بأنفاس متقطعة وقمت بفتح الباب ودخلت بسرعة قبل أن تتجمد خطواتى على عتبة البيت وأنا أدور بعينى فيما حولى بنظرات ذاهلة .. فآخر ما كنت أتوقعه أن أجد البيت بهذا الترتيب والأناقة المثيرة للريبة .. بهدوء خلعت حذائى ومشيت على أطراف أصابعى أتفقد باقى البيت وأنا أتوجس خيفة .. إن هذا غير طبيعى بالمرة .. كان كل شىء هادئا براقا .. رومانسيا .. عجبا كنت أظننى نسيت تلك الكلمة .. المهم كان كل شىء يوحى أن هناك أمرا عجيبا يحدث .. وما أثار مخاوفى أكثر تلك الموسيقى الناعمة التى تنساب فى أرجاء البيت والإضاءة الخافتة التى يكرهها زوجى بشدة .. ما الذى يحدث؟ كدت أجن من التفكير وقبل أن أرفع صوتى لأنادى عليهم .. فوجئت بالأنوار تسطع بشدة فى وجهى فقمت برفع يداى فوق رأسى مثلما يفعل من يطوقونهم رجال الشرطة ويطالبونهم بالتسليم .. استغرق الأمر بعض الوقت حتى استوعبت ما يحدث .. وميزت من بين خيوط الضوء الساطع وجوه مألوفة .. نظرت جيدا فوجدتها لزوجى وأطفالى .. وقد اتسعت ابتساماتهم لتملأ وجوههم وهم يهتفون فى صوت واحد ... مفــــــــــاجـــــــــــــأة .. ويا لها من مفاجأة يجب أن أعترف بخاصية الإبداع عند زوجى .. حتى فى مفاجآته كاد يصيبنى بأزمة قلبية .. قمت بإنزال ذراعى اللتان تيبستا فوق رأسى .. ورسمت ابتسامة على وجهى وأنا أسألهم عن سبب المفاجأة .. فأخبرنى زوجى أن اليوم ذكرى زواجنا العاشرة .. ابتلعت دهشتى فنحن لم نحتفل بذكريات السنوات التسع السابقة .. فما التميز الذى يكتنف العاشرة؟ .. حسنا لن أفسد سعادته ما دام يريد الاحتفال .. اقترب منى بذات الابتسامة وهو يقول: الغداء جاهز .. قفزت دمعتا قهر إلى مقلتى .. حتى فى مثل هذا اليوم تريد تعذيبنا .. ارتجف السؤال على شفتى وأنا أسأله: هل أعددت الطعام بنفسك؟ .. ابتسم بغموض وهو يقول: سترين بنفسكِ .. اقتربت من المائدة فى توجس وما لبثت أن اكتنفتنى حالة من الدهشة عندما رأيتها .. كانت منسقة بشكل رائع .. والطعام كان يبدوا طعاما .. ورائحته أيضا توحى بذلك .. ألقيت بنظرة شك نحو زوجى الذى استقبلها ببساطة وهو يقول: هيا يا عزيزتى غيرى ملابسكِ وارتدى ما يليق بمناسبتنا الرائعة .. حملت دهشتى معى إلى غرفتى لإكمال مراسم الاحتفال العجيب .. عدت بعدها إليهم وقد التفوا حول المائدة العامرة وشاركتهم فرحتهم بالطعام الشهى وقاومت دموع القهر التى تجاهد لتنساب على وجنتى أسفا على ميزانية البيت التى دُمرت بالكامل بسبب ذلك الطعام الفاخر الذى ابتاعه زوجى من أكبر المطاعم ونسى فاتورة حسابه الضخمة فى غرفتنا .. كان أولى به أن يخفيها عن عينى على الأقل .. ولكن لا يمكن أن يكمل زوجى بهذا الإتقان للنهاية .. المهم يكفى أنه رحمنا من إبداعاته اليوم .. ويكفى أنه فكر بإسعادنا بتلك الطريقة .. وإعداد تلك المفاجأة السعيدة .. جدا .. أعدت رسم ابتسامة زائفة على وجهى وأنا أفكر كيف سنتدبر أمورنا حتى نهاية الشهر ..
إمضاء
:icon1366:
زوجة مقهورة
:icon1366:
زوجة مقهورة
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اسم الموضوع : زوجــ ولكـ 6 ـن ــات •:*¨`*:•. مفـــــــاجـــــــأة •:*¨`*:•.
|
المصدر : الروايات
