معلومات ابنة الشهيد
- إنضم
- 1 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 374
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
- الإقامة
- البحرين
- الموقع الالكتروني
- www.blqees.com
رقص مع الموت ( من الواقع )
( رقص مع الموت )
قصة مقتبسة من قصة حقيقية
مدت مها – ذات الستة أشهر – يديها الصغيرتين إلى الأعلى ، لتغطي بها وجهها الصغير ، و كأنها كانت تعلم أن موعد الحمام قد حان ..
و صدق ظن الطفلة ، إذ أسرعت لها أمها تخطفها من أحضان سريرها الخشبي، و قد أسندت على كتفها فوطة قطنية ، برتقالية اللون ، قد نقش على طرف من أطرافها دبدوبا صغير يبتسم ..
( هيا صغيرتي .. حان موعد السباحة ..لنأخذ (دُشا) دافئا و سريعا.. و نستمتع باللعب بفقاعات الصابون ..)
ثم حملت سلمى وليدتها على كتفها .. معانقة إياها بكل حنان الأمومة .. متجهة إلى الحمام عبر الصالة .. و هناك توقفت للحظات .. لتزجر ولديها قائلة :
( سامي .. حسن .. كفاكما صراخا و عراكا.. شاهدا التلفاز و لا تعتركا ..)
و اكتفت بعد ذلك بأن هزت رأسها و كأنها تعلم جيدا .. أن كلماتها و التي للتو قد خرجت من فَـيها قد ضاعت أدراج الرياح ، و أن عراكهما مستمر ما استمر ليل و نهار !
أغلقت سلمى من خلفها باب الحمام بهدوء ،ثم أجلست بهدوء أكثر وليدتها في حوض الماء ( البانيو ) و بدأت تعبث بصنبور المياه ، في محاولة منها لضبط درجة حرارته ..
" غزالة غزلوكِ غزلوكِ .. في الماي زعبلوكِ زعبلوكِ ..
قاعدة على الشط .. قاعدة اتمشط .. ياها الرومي ..
قال لها قومي .. قالت ما قوم .. هذا حصاني ..
اشده واركب .. على السيف اركب .. "
اشده واركب .. على السيف اركب .. "
هكذا بدأت سلمى تدندن لأبنتها و التي على ما يبدو أنها قد طربت لصوت أمها فأخذت تطبل بفرح على سطح الماء.. لتتطاير قطرات منه .. في جميع الأنحاء..
كما أن رائحة الشامبو المتصاعدة ، قد أضفت جوا حالما مع قطرات الماء الناعسة ..
" قاعدة على الشط .. قاعدة اتمشط .. ياها الروو .. "
بترت الأم اندماجها مع لحن الأغنية .. على صراخ مرعب .. جاء مدويا من جهة الصالة ..
قفزت الأم على قدميها على إثره مهلوعة ، و طارت جريا إلى حيث وجدت ابنها سامي ممدا على الأرض دونما حراك .. ملطخا بدمائه ..و التي كانت تنبثق من على صدره بحرارة كشلال لا ينضب ..
و لم يكن بمقدور سلمى استيعاب الأمر .. لذا تجمدت في مكانها للحظات .. قبل أن تجري تحتضن بأمل جثة سامي الممدة .. لترى إن كان بالإمكان إسعافه .. إلا أن كل الآمال ماتت .. و هي تتلمس نبضه فتدرك أنه قد مات!
حسن كان لا يزال متسمرا في مكانه.. اعتلى وجهه الخوف و العرق..دهشا غير مصدق بأن السكين قد تقتل حقا ..!
رمى حسن السكين الملوثة بدماء أخيه أرضا .. و انطلق فارا من نظرات أمه المنصدمة المصوبة باتجاهه .. العاجزة عن تصديق أيا مما يجرى .. و اندفع إلى خارج المنزل بكل ما أوتي من خوف !
في هذه اللحظة ، تذكرت الأم مها .. لتسحب نفسها سحبا من صدمتها من على جثمان سامي .و من عبراتها التي تفجرت دونما استئذان لهول الموقف ..
لتركض باتجاه الحمام ,, و الذي فوجئت بأنه قد غـٌمر على آخره بالماء .. لتستوعب أنها قد نست إغلاق ( الحنفية ) و أن (البانيو) قد غرق بطوفان من الماء ..!
و بإيمان و رجاء ضعيفين ، و بخوف أكبر .. اختطفت الأم صغيرتها من تحت أنقاض الماء ,,!
و لكم كان وقع الصدمة عنيف جدا حينما وجدت أن هذه التي بين يديها قد فارقت أيضا الحياة غرقا ، و أن جهودها في إنقاذها .. ضاعت سدى ..!
ضمتها إلى صدرها تأمل أن تسمع الصغيرة دقات قلب الأم المفجوعة .. و التي كانت تدق بحزن و لوعة ,, لتعود الصغيرة على وقعها، إلى الحياة من جديد ..
جرت سلمى قدميها جرا .. إلى الصالة .. حيث لا يزال يوسف ممدا و من حوله بقعا من الدم قد لطخت البلاط الأبيض ، بلون مرعب .. سيظل ذكرى أبد الدهر على جريمة قابيل و هابيل المصغرة في هذا البيت.. !
ارتفع جرس الباب مدويا .. و لكم راود الأم أملا ضعيفا .. بأن يكون صوت الجرس هو صوت المنبه ليوقظها من كابوس مزعج .. لكن هي الصدمة الأعنف ..من كانت تتلقاها على عتبة الباب ..
إذ كان الواقف على عتبة الباب هو جارهم أبو سعيد ..و قد علا وجهه قناع من البؤس ، في حين أن عينيه قد اتقدتا احمرارا من شدة البكاء و التأثر ..
و قبل أن تتمكن سلمى من النطق بأية كلمة .. نقلت بلوعة عينيها من ملامح وجه أبو سعيد المصدوم.. إلى جسد صغير تكوم بين ذراعيه ..
ضربت الأم على صدرها .. قبل أن تصرخ ..
( حسن ..!! ابني حسن .. ماذا حدث له ؟!! )
و اكتفى أبو سعيد بالبكاء .. إذ عجز عن الشرح للأم المصدومة كيف أن حسن أثناء جريه هربا منها .. لم ينتبه لسيارة مسرعة اصطدمت به فأردته قتيلا في لحظته..
تمت بعون الله و بحمده..
ابنة الشهيد
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
اسم الموضوع : رقص مع الموت ( من الواقع )
|
المصدر : الروايات