معلومات ظبية الإسلام
~ * ~ أنــــــــا .. في.. غـوانـتـنـامـو ~ * ~ !!! بقلمي ..
في ليلةً رطبة .. تسلل الملل ليَشُقّ طريقهُ نحوي .. وعلى أنقاض الملل .. نمى نعاسٌ هناك و" أينع " ..
.:" ملل & نعاس "
كانا كفيلين بأن يرغماني على إلقاءِ كتابٍ طبي كان يترنحُ بين يدي لساعاتٍ طوال ..
أومأتُ رأسي على راحة كفي .. ووجهتُ أنظاري صوبَ النافذة .. حيثُ تراكمت سحبٌ قاتمة .. حجبت السماء .. ومنعتها عن معانقة الأرض ... لتعصف ريحٌ باردة .. ولتتناثر زخات المطر بين أروقة المساء
وعلى هذه الـأجواء .. اشتعلت فيني رغبةٌ في التأمل .. والإبحار في مراكب الفكر العميق .. حيث تسافر الروح .. لتمخر عباب البحار .. حيث اللا نهاية ..
لم يكن ينقصني هذا الجو الرائع ليشغلني عن معانقة كتبي الطبية المُصمتة .. حيث نظرةٌ واحدةٌ بين طياتها .. كفيلةٌ بأن تجلب لك الشعور بالمرض ..
حاولت مراراً أن أهرب من جو الكآبة الذي يعشش فوق رأسي عندما أعانق هذه الكتب .. قررت بعد ذلك أن أزين هوامشها بالأبيات الشعرية .. لعلّ الفتور أن يجد طريقهُ إلى غيري .. عندما أهم بالدراسة ..
وفي إحدى زوايا الكتب الأعجمية.. وعلى الهامش نقشت أبياتاً ..:"
أخي إننا ما أسأننا الظنون *** بوعد الإله القوي المتين
وما زادنا السجنُ إلا ثباتاً *** وما زادنا القيدُ إلا يقين
وما زاد تعذيبُ إخواننا *** وقتلُ الدعاةِ ولو بالمئين
سوى رفعِ رايةِ إيماننا *** وتوحيد رايةِ حقٍ ودين
.. سيراودك الشك بطبـيـة هذا الكتاب عندما تتأمل زخم هذه الأشعار ... تشك أن أناملك وقعت على كتاب أدبي بالخطأ .. أو هكذا ..
لمرضاةٍ رب ونصرة دين *** تطيبُ السجون وتحلوا المنون
لمرضاة رب عزيـــز كريم *** تهــون الحياة وكلٌ يهـون
هكذا وبدون مقدمات ... ألقيت هذه الكتب الغبيّة ... لقد شعرت أن هرمون الكتابة قد وصل إلى ذروته .. ولن أفوت على نفسي فرصة تفريغ هذة الكلمات التي تزاحمت في صدري ... تأملت زخات المطر في الخارج ... التي أثارت حفيظة مشاعري ...
عادت بي الذاكرة إلى ذلك الصباح .. وأنا في طريقي إلى الكلية .. حيث كنت منهمكة بالدراسة وأنا بالسيارة .. رفعت رأسي بإعياء .. لتشد انتباهي حافلة كبيرة .. لم أشاهد مثلها في حياتي .. كانت نوافذ الحافلة مُشبّكة بحيث لا تستطيع تمييز ملامح الركاب فيها ... " شكلها كان مريباً " .. لكنني استطعت أن ألمح بين شبك النوافذ ملامح بشرية .. يبدو لي أنه رجل .. لقد كانت ملابسة قاتمة اللون .. استطعت بعد ذلك أن أتعرف على المزيد من الملامح البشريه التي كانت تقبع خلف تلك الأقفاص .. أيقنتُ بعد ذلك أنهم سجناء .. وهم الآن ينقلون من سجن إلى آخر ..
مازلت أحتفظ بصورة في ذاكرتي لذلك المشهد ..
تذكرت حينها " شقيقي " خـالد " الذي كان يقبعُ بين أسياج حظائر كوبا ..
عانقت دفتراً ... وامتشقت قلمي " المغترب " ونقشت على صدر الورق كلمات متزاحمة ..
" خـالد " .. مارفرفت ذكراك إلا حشرجت روحي .. ونزت أدمعاً مسكوبة ..
أي شموخٍ شموخك ..أي كبرياءٍ تنعمُ به روحك الأبية .. حاولت أن أرحل عبر الزمان .. عبر المكان .. إلى حيث أنت .. قطعت القارات .. بل المحيطات .. مخرت البحار والجزر .. لأحط رحالي أخيراً حيث ..
" غوانتانامو " كلية التعذيب الأمريكية .." الحظيرة الكوبية " ..
لم تصعُب عليّ مسألة الدخول عبر البوابة الرئيسية كما حصل مع مراسل البي بي سي عندما زار غوانتانامو يوماً .. حيث كان يقبع مجموعة من رعاة البقر عند بوابة الحظائر ..
تجاوزت الخطوط الأمامية بسلام ..
وبدأت أتجول بين جدران الزنازين .. أتجول كالهائمة .. أبحث عن جدران الوصول .. الوصول إلى خالد ..
وبينما أنا كذلك .. أبحث عن ضائع بين الجدران .. اكتشفت باباً خلفياً ، بعد البوابة الداخلية الثانية .. أخذني هذا الباب السري إلى سراديب تحت الأرض .. وجدت نفسي بعد ذلك .. أغوص في أعماق كهوف مظلمة .. مخيفة .. تنبعث منها رائحة الموت ..قادتني الكهوف إلى ممرات ضيقة .. متاهات .. لا تكاد ترى فيها شيئاً .. لا تسمع إلا وقع أقدام الجلادين .. وجوه مظلمة كظلمة المكان .. أصبحت في عمق السراديب .. شد سمعي بعد ذلك أصوات رجالية عالية .. بدت كأصوات عائمة بين أمواج الألم .. وعلى أصداءها .. ارتعدت أطرافي .. لم أستطع أن أميز ماهية الأصوات .. أزيز تأوهات .. صراااخ ... أنين .. أسعفينا يا قواميس العرب .. ماذا أيضاً .. إنها أعماق الألم .. اندمج في لحظات بين طيات صراخهم .. أثير صمتٍ قاتل ..
لم أصبر أكثر .. هرولت مسرعة إلى حيث الصوت .. وقد كان قادماً من أحد الأقفاص البعيدة .. هرولت أكثر فأكثر .. ووصلت إلى الـــ ...
في الواقع .. لم تقوى أقدامي على حملي ..ما هذا المنظر!!! "رباااه" ماذا أرى ..؟
لقد كان المنظر أقوى من أن تتحملة أعصاب من يشاهد .. فكيف بالمُعذب ..؟
لخيالك .. الحرية مطلقة .. رجل معلق بالسقف .. رأس في الأسفل .. وأطراف في الأعلى .. " شبه عاري " .. وأسياط البقر تنهش من لحمه الممزق .. وهو يلهث .. ويلهث .. لا يقوى على الصراخ .. صوته المتحشرج .. وأطرافه الممزقة تخبرك بأنه كان هنا منذ زمن طويل .. دماؤه التي تلطخت بها زوايا الزنزانه .. تؤكد بأنه على وشك النهاية ..
تحشرجت الكلمات في صدري وأنا أرقب نهاية هذا الشاب المسلم على يد هؤلاء المجرمين .. كيف يكون حال المعذب ، عندما يتعب الجلاد من جلده ؟! .. ضاعت الإجابة .. بل أنا التي هربت منها .. تسارعت دقات قلبي .. أسرعت بالخروج من هذا القفص اللعين .. لأبحث عن " خالد " .. ليت شعري أين أنت .؟؟
اسم الموضوع : ~ * ~ أنــــــــا .. في.. غـوانـتـنـامـو ~ * ~ !!! بقلمي ..
|
المصدر : ركن الهوايات والفنون