موقف وعبرة ..ليس كل ممتع مفيد

[راجيه الرضا]

موقف قبل سنوات.. فيه عبرة
شخص كان يحافظ على الچيم والأكل الصحي لكنه كان مُبتلى بمشاهدة أفلام الزنا، ويذهب هو وأصحابه يجتمعون على ذلك( أيام الفيديو، قبل فتنة النِت والمواقع)
وكان فيما قال وهو يشكو لي من حاله وضعفه: أنا أصبر عن كل شيء إلا هذه المشاهدة، لا أملك نفسي عنها.. لا أستطيع
فحاولتُ أنا أبحث عن مدخل لنُصحه، فقلتُ له: هل كل الشِلّة بتاعتك تجتمع معكم على تلك المحرمات؟
قال: لا، لنا صاحب محترم ومهذب لا يوافقنا أبدا على ذلك، ولم يأت معنا ولا مرة، ويقول:هي حرام.
قلتُ له: في رأيك، لماذا لا يأت معكم؟
قال :أكيد معندوش شهوة..
قلتُ له: هذا ما يتوّهمه كلُ شخص فيما يقع فيه من الغلط ولا يقع غيرُه فيه:يظن-أو قل:يُصوّرُ لنفسه-أنه لا يملك نفسه، وأن الشخص الآخر لا يشتهي ولا يخطر بباله
بل - واللهِ - لعله أعظم شهوةً منك، ويتألم وتُحدّثه نفسه مائة مرة في اليوم الواحد ليفعل، لكنه يُجاهد نفسه!
ثم سألتُه: هل تأكل الكنتاكي والوجبات السريعة؟
قال: لا، قاطعتُها كلها
قلتُ: ألا تشتهيها؟ ألا تشعر بلذّة وأنت تأكلها؟
قل: دا أنا بتجنن عليها وبستكانيص منها/يعني بستلذ بها جدا
بس بمسك نفسي عنها بالعافية، ومهما اشتقت ليها بمنع نفسي
قلت: لماذا تمنع نفسك مع أنك تشتهي وتستلذ؟
قال: لعلمي بضررها على صحتي وجسمي
قلتُ: ولماذا تصبر على الچيم والرياضة، وتواظب عليها تحت أي ظرف، ألا تتعب وأنت تتدرب؟ ألا تشتهي النوم بعد الفجر، ومع ذلك تواظب يوميا على الرياضة بعد الفجر؟
قال نعم، ولكني أحمِل نفسي وأغصِبُها على التدريب، لأنه أنفعُ لها من الكسل.

قلتُ:قد أجبتَ نفسك وذكرتَ الداء والدواء.
باختصار: الشخص الناجح في أي مجال أو باب ليس شخصا استثنائيا ولا محظوظا ولا موهوبا بالفطرة ولا خارقا
الفارق المؤثر هنا:
المُجاهدة.. المُجاهدة.. المُجاهدة.. حملُ النفس على ما ينفعُها، ونهيُها عمّا يضُرُّها
وكثير من الناس يُبرر فشله بأنه عاجز أو غير محظوظ
ويُقلل من إنجاز الناجحين:بحُجة أنهم موهوبون.. محظوظون.. ظروفهم مساعداهم.. معندهمش مشاكل
ولا يدري أنهم يذقون المُر ويصبرون ويجاهدون وظروفهم أصعب منه ولديهم مشاكل لعلها أعظم مما يواجهه هو
الكلمةُ الفاصلة: مُجاهدة النفس على ما ينفعُها
وكلُ إنسان نشيطٌ في هواه
والصواب :أن يكون نشيطا فيما ينفعُه
وليس كلُّ ممتعٌ نافعا، ولا كُلُ نافعٍ ممتع، والعاقل يُجاهد نفسه على ما ينفعُها مستعينا بالله
وقد أقسم الله ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾


حسين عبد الرازق​