ليست العبرة بمن سبق ولكن من صدق..قصة واقعية

[راجيه الرضا]

زمان لما كنت عايش في الكويت ، كان عندي واحد صاحبي اسمه وائل الشربيني ، كان عايش هو وأخوه الكبير مع أبوه وأمه في الكويت ..
بعد فترة اتجوز هو وأخوه وسافروا ، وفضل الأب والأم عايشين لوحدهم ..
الأب كان أستاذ في جامعة الكويت ، وكان رجل مصري عادي ، مُدخن ، وعايش حياته عادي زي أي رجل مصري تقليدي في الستينات من العمر ..
المهم .. ربنا قدّر وجه ساكن جديد سكن في الشقة اللي جمبه على طول ! شاب أزهري صالح حامل لكتاب الله ، قدّر الله انهم يتقابلوا في الأسانسير ويتعرفوا على بعض ، وكعادة الجيران - كلمة من هنا على كلمة من هنا - بقوا أصحاب ! رغم فرق السن الكبير ده !
الشاب الأزهري ده بدأ يشجع الدكتور الشربيني على الصلاة في المسجد ! وواحدة واحدة أقنعه كمان يبدأ يتعلم معاه قراءة القرآن بالتجويد وأحكام التلاوة ، والموضوع تطور وأقنعه كمان يحفظ معاه قرآن ! بعد السن ده !! والرجال كان متحمس ومستجيب جدا ، لحد ما ختم القرآن كله !!! تخيلوا ! سبحان الله !
كنت كُل لما أروح زيارات للكويت ألاقيه في الصف الأول في المسجد ، وبعدين واحدة واحدة بدأ يصلي بالناس إمام ، خصوصا في صلاة الفجر !! كانت قراءته جميلة وخاشعة وصوته رخيم ومؤثر جدا ..
السنادي لما زرت الكويت - بعد غياب خمس سنوات عن آخر زيارة - عرفت إن الدكتور الشربيني توفي ! رحمه الله
لكن الجميل في الموضوع إني عرفت مات ازاي
الدكتور الله يرحمه مات في رمضان وهو بيصلي بالناس إمام في صلاة التراويح !!
تخيلوا ؟؟ مات الراجل حامل القرآن وهو بيصلي وبيتلوا آيات الله بعد ما تجاوز سبعين سنة !
خلص القراءة ، وركع ، وبعدين قام ، وقال : الله أكبر ، نزل للسجود .. ماقامش !!
سبحان الله .. من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بُعث عليه ! سيُبعث الدكتور الشربيني - إن شاء الله - يوم القيامة وهو يتلوا كلام ربه تبارك وتعالى !
صدق القائل : أحسِن فيما بقي يغفر لك مامضى ، العبرة بتمام النهايات لا بنقص البدايات.
ليست العبرة بمن سبق، ولكن العبرة بمن صدق!
اللهم ارحم الدكتور الشربيني ، وارحم موتانا ومتى المسلمين يارب العالمين ..