ليست الأمور كما تبدو..جميلة الشكل وحاد الملامح

احصائياتى
الردود
0
المشاهدات
315

راجيه الرضا

مراقبة و متميزة أقسام نسوة
معلومات راجيه الرضا
إنضم
18 فبراير 2017
المشاركات
14,541
مستوى التفاعل
9,665
النقاط
113
ليست الأمور كما تبدو..جميلة الشكل وحاد الملامح
كان هناك رجل تزوج منذ وقت قريب يسكن في المنزل المجاور لمنزلي، كانت زوجته شديدة الجمال، العجيب في الأمر أنها كانت مُبهرة الجمال بشكل لا يتخيله أحد، أما هو فكان خشن الملامح وحاد الطباع، عابس طوال الوقت ولا يضحك لرغيف الخبز الساخن حتى، كما يقولون، ويعني بمقاييس الجمال أنه لم يكن وسيم!

كان يعمل مُزارعًا في حقل عائلته الذي يقع في منطقة نائية من القرية، كنت أراها يوميًا تذهب إليه وقت الظهيرة تحت الشمس الحارقة كي توصل له الطعام، ثم يعودان في أخر النهار معًا على عربته الخشبية التي يجرها الحمار، ذات يوم على غير العادة وجدته خارجًا من المنزل وأحضر العربة إلى أمام باب المنزل وصعدت زوجته العربة وأخذها ورحل، وفي نهاية اليوم وجدتهما عائدان وكان زوجها يحمل ماكينة خياطة كانت براقة جدًا، بدت لي أنها جديدة، انتابني الفضول جدًا أن أعرف قصة تلك الماكينة، في اليوم التالي عندما خرج زوجها إلى عمله مع عربته الخشبيه وحماره، صنعت فطيرة العسل بالقشدة وأخذتها وذهبت إلي تلك الزوجة كانت عروسًا جديدة، لذلك لم أفكر في أن أهديها جمادًا فكرت في فطيرة العسل خاصتي لأنني بارعة في صناعتها جدًا.

طرقت باب المنزل ثم انتظرت لحظات وسمعتها تسأل من الطارق؟ فأجبتها، أنني جارتها وجئت إلى زيارتها، ففتحت لي الباب كانت جميلة أكثر عن قرب، أدخلتني غرفة المعيشة، كان منزلها بسيطًا لكنه كان دافئًا ومُريح ورائحته عطرة، ثم وقعت عيني على ماكينة الخياطة، فسألتها إن كانت تجيد حياكة الملابس، فقالت لي ليس بعد، كان أول درس لها بالأمس في تعليم الحياكة، وزوجها كي يقوم بتشجيعها على إتمامها الأمر سريعًا اشتري لها تلك الماكينة بنقود المحصول الذي جمعه هذا الموسم، كانت تتحدث بمنتهى الفخر والإمتنان لأن زوجها فعل هذا من أجلها، كانت عينها تلمع بشدة، أردت كثيرًا أن اسألها كيف لفتاة شديدة الجمال مثلها أن تتزوج رجُلًا قاسي الملامح وحاد مثل زوجها، لكنني شعرت بإنني سأكون عديمة الأدب والذوق إذا تطرقت إلى تلك المسألة.

وحينما قاربت على الإنصراف إلى بيتي وجدت زهرة تسألني إذا كنت أعرف الكتابة والقراءة، فأجبتها بنعم لأنني أكملت دراستي، فطلبت مني أن أعلمها حروف الأبجدية كي تتعلم الكتابة والقراءة، سررت كثيرًا بطلبها، واتفقنا أن أذهب لها يومان كل أسبوع بعدما يخرج زوجها للعمل، وبعد مُضي أكثر من ثلاثة أشهر كنت قد أتممت معها كل حروف الأبجدية وتعلمت كيف تقرأ وتكتب بل وأتقنت الأمر لدرجة أنها كنت تقوم بتكوين جُمل شديدة اللطف والجمال.

ذات يوم وجدتها ممسكة بِورقة مطوية في يدها وعلى وجهها نظرة مُترددة، لكنها عزمت أمرها وفتحت الورقة وهي تنظر لي وعلى وجهها ابتسامة شغوفة ثم قالت لي: لقد كتبت خطابًا إلى زوجي وحيد، ابتسمت من كل قلبي حينما سمعت منها تلك الكلمات، كانت تريد أن تعرض الخطاب عليّ حتى أصحح ما به من أخطاء وحينما أمسكت الورقة، قرأتها عدة مرات، هذه المرأة ليست جميلة فحسب، إنها شديدة اللطف أيضًا، لكنني سألتها إن كان زوجها يستطيع القراءة فَقالت لي: نعم لأنه كان أزهريًا، لكنه لم يكمل دراسته بعد الصف السادس، واضطر أن يترك التعليم كي يعمل ويساعد أباه في أعباء المعيشة لأن إخوته كانوا صغارًا، وحينما مات أبوه أصبح هو المسئول الوحيد عن تلك الأسرة في سن صغيرة جدًا، وهذا ما جعله يبدو قاسيًا وحاد الطباع بالنسبة للبعض.

أما هي فكانت تعشقه جدًا، كانت تتحدث عنه بفخر شديد وكأنها تتحدث عن أمير أو فارس من العصور الوسطى، وحينما انتهينا من الدرس تصافحنا وودعتها لأنها كانت أخر مرة نلتقي في أمر التدريس لأني أتممت المهمة، وحينما وصلت إلى منزلي وفتحت الباب وددت أن أعود إلى الخارج وأوقف كل المارة وأخبرهم عن قصة هذين الزوجين، وذلك الخطاب الذي لم اقرأ أجمل منه في حياتي، كانت قد كتبت له مسألة مهمة جدًا بمنتهى الرقة والحسم..
"وحيد لم يعد وحيد، زهرة له، أنا أحبك".
اعتقد بأن وحيد لن يكون عابسًا أو حيدًا أبدًا بعد اليوم لأن لديه زهرة، لقد علمتني زهرة درسًا أقوى من كل حروف الأبجدية التي علمتها إياها ؛ علمتني أن الأشياء بالضرورة ليست أبدًا كما تبدو!
 

من نحن ؟؟

موقع نسوة : هي شبكه عربيه تهتم بكل ما يخص المرآه وحياتها اليوميه يعمل منذ سنوات لمساعدة والمساهمه في انجاح كافة الامور الحياتيه للمرآه العربيه