أختي أن ما ذكرته عن حالك مع زوجك حالة تمر فيها كثير من البيوت ويوجد من هو أكثر من زوجك ربما إهمالا وقسوة وسهرا خارج المنزل بل قد يتعدى بعضهم على زوجة شتما وضربا وطردا وظلما فالحمد لله أن زوجك لم يصل إلى ذلك الحد ولا زال هناك الأمل الكبير أن يراجع نفسه ويشعر بجفافه وقلة احترامه لك وقسوته فتلين أخلاقه وتحن نفسه ويشعر بالحب والعاطفة التي ربما فقدها في صغره وشبابه فعاش فقيرا منها وبالتالي أصبح من الصعب أن يمنحها لأحد بعد أن كبر وكما قيل فاقد الشيء لا يعطيه وهنا يبرز دورك في منحه هذه العاطفة والرومانسية دون كره أو إجبار أو إشعاره بأنه جاف أو قاسي لأنه يعد ذلك إهانة منك له وتعالي منك عليه فعليك أن تعامليه كالطفل المدلل وتمارسي معه الحب والعاطفة من خلال الممارسات التالية :
1 - أن يكون البيت نظيفا منمقا يزهو بالروائح الطيبة والصور الجميلة والذوقيات واللمسات الزاهية
2 - استخدام الألفاظ والعبارات الحلوة والإيجابية مثل كلمة ( حبيبي - روحي - سم - طال عمرك - فالك الجنة ... ألخ ) ولا تكرري كلمة واحدة فتصبح مملة وثابري على ذلك حتى لولم تجدي استجابة سريعة منه ويكفي أن تلك أخلاقك وذوقياتك ولا يخدعك الشيطان ان تتنازلي عن ذلك كي تعامليه بالمثل
3 - احرصي أكثر على إشاعة الرومانسية بغرفة نومكما واستخدام الألوان والشموع والروائح المناسبة والأناشيد المناسبة واستمري في ذلك حتى لو استهزا بها فالذي يستهزأ لسانه فقط أما قلبه يحبها
4 - أظهري له أنك جادة في مواقف الجد وأمور الحياة والمعيشة وتصريف الأمور حتى يتبين له أن رومنسيتك لم تمنعك من مزاولة شؤونك وحياتك العادية على خير وجه وأكمله .
5 - اشتري بعض الكتب واستخرجي من الانترنت بعض النشرات التي تتحدث عن هذه الموضوعات ودعيه أمامه وفي متناول يده دون أن تشيري عليه بقراءتها .
وأخيرا أختي لا تهتمي كثيرا لجفاف زوجك او لسوء معاملته لك لو استمر على ذلك ويكفي أن تعيشي حياتك برومنسيتك وذوقك الجميل مع أهلك وأقاربك وصديقاتك والناس عموما تبذلين الكلمة الحلوة والفعل الجميل لمن يتعامل معك . وتعطين كل منهم ما يناسبه واسألي الله لزوجك أن يقذف في قلبه الرحمة والرأفة والعاطفة وأن يحيك حياة سعيدة والله يحفظك من كل سوء .
أريد منك أن تستشْعِري الشَّفقة على هذا الزَّوج الذي ربما تصفينه بحُسْنِ الخلق وحبّه لك,
استعيني بالله وتوكَّلي عليه، واعزمي قبل البدء على تَخليص زوجِك من حبل المعاصي اذا كان عنده معاصي والسَّير به في سبيل الصَّالحين؛ ألا تحبِّين أن يكون لك هذا الأجر؟!
ورد في صحيح البخاري أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لأن يُهدَى بك رجل واحد خير لك من حُمْر النَّعَم)), ليكن هذا الرَّجل زوجك أيَّتها الغالية.
لا تعلمين عن مفاتيح قلبه التي بدَتْ لي من رسالتك شبه واضحة!
زوجك - أيَّتها الفاضلة - عاطفي بشكل كبير, وهو من أصحاب النَّمط البصري، "وينشدُّ مع المشاهَدة لدرجة أنَّه لو رنَّ الباب ما يدري"، "يحب النَّظر لها".
لماذا لا تدخلين له من مدْخل العاطفة أو البصر؟ ((إذا نظَر إليْها سرَّته، وإذا أمرها أطاعتْه)).
لماذا لا تقومين مقام أولئِك الفتيات ممَّن يتحدَّث إليهنَّ في الهاتف؟!اقصد اذا كان له علاقة بفتاة
أفتعْجِز الزَّوجة عن فعل ما تفعله تلك النساء الخبيثات؟!
لماذا لا تسْحرين قلبه ببعْضِ الكلمات التي تأخذ باللّبّ؛ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما رأيتُ من ناقصات عقل ودين، أذهبَ للُبِّ الرَّجُل الحازم))؛ رواه البخاري.
بماذا تذهب المرأة بلبّ الرَّجل الحازم وليس لها من الأسلحة ما له؟!
سبحان من جعل في ضعفها تلك القوَّة العجيبة!
اعلمي - أيَّتها الزَّوجة - أنَّ لديك من الأسلحة ما تستطيعين به استِقْطاب زوجك وجذْبه من بين براثن كلّ سافلة تُريد أن تغرقه في وحل المعاصي.
تعلَّمي كلمات الحبِّ وأمطري أذنَيْه بها.
تقرَّبي إليه وسلِيه الجلوس بقربك، أخبريه أنَّك بحاجةٍ دائمة إليه ولا تُبدي نفورًا منه مهْما كان ذلك شعورك، تمثَّلي بقول الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ عُرُبًا أَتْرَابًا ﴾ [الواقعة: 37].
جاء في تفسير الطبري - (23 /120):
"قوله: (عُرُبًا) يقول - تعالى ذكره -: فجعلناهنَّ أبكارًا غنجات، متحبّبات إلى أزواجهنَّ يحسِنَّ التبعُّل". اهـ.
وعن عبدالله بن عبَّاس - رضي الله عنْه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((نساؤكم من أهل الجنَّة الودود الولود))؛ حسنه الألباني.
فالتودُّد وحسن التبعُّل للزَّوج من أعلى وأعظم خصال الزَّوجة الصَّالحة.
من الزَّوجات مَن لا تدَع لزوجِها وقتًا لتلْفاز ولا مُحادثات ولا غيرها, كلَّما همَّ بالانصراف أقبلتْ عليْه بتودُّد وإظهار الرَّغبة فيه, لا تستحْيِي من ذلك, ولا تظنِّي أنَّ الزَّوج سيملّ أو يضجر, بل الرَّجل يحب هذا من امرأتِه, إن أحسنت الأسلوب, ولوْلا ذلك لما ذكر الله لهم هذا الخير العظيم الَّذي ينتظِر الصَّالحين منهم في الجنَّة، وهي الصفة التي يحبّها كلُّ رجُل ويتمنَّاها في امرأته: ﴿ عُرُبًا ﴾.
قد تكون الزَّوجة على قدر ضئيلٍ من الجمال, لكن لديْها من الأسلوب وحسن التبعّل ما يجعل زوجَها يهيم بها حبًّا, وقد تكون على عكس ذلك؛ لديها من صفات الحسن والجمال ما قلَّ أن يكون لغيرها, لكنَّها فظَّة أو واجمة أو عابسة الوجه, فما يجذبه إليها؟
هل وجدت مريضًا يعالج نفسَه بنفسه؟
قد جاءتْك الفرصة أيَّتها الزوجة الفاضلة, فلِمَ لا تُحسنين استغلالَها؟!
اجلسي معه وحدّثيه برفق حول كيفيَّة الخلاص من قلة اهتمامه بك واقترحي عليه بعض الأفكار الَّتي تقرّبُكما من بعضكما، واقترحي عليه برامج عمليَّة؛ كالخروج للتنزُّه في أماكن بعيدة وقضاء وقت ممْتِع بعيدًا عن جوّ البيت, أو كممارسة هواية معيَّنة تشجِّعينه عليْها وتأخذ من وقته وطاقته الشَّيء الكثير.
كأنك تقولين: "لا يوجد حوار بيْننا فهو صامت لا يتكلَّم معي بحجَّة أنَّه ما عنده شيء يتكلَّم فيه".
يا أختي، استغلّي صمتَه في التحدُّث فيما تريدين، وستجِدينه مستمعًا جيّدًا - إن شاء الله.
الشَّخص البصري يكون غالبًا قليل الكلام, يعتمِد على النَّظر ويركّز على المظاهر, فادخُلي إليه من هذا المدخل.
ليكن مظهرُك دائمًا جذَّابًا بل وفتَّانًا, غيِّري من نفسك كثيرًا: لون الشعر وطريقة تصْفيفه, نوع الثّياب, غيِّري أثاث البيت, الشَّخص البصري يحبّ هذا وتسْتَهويه تلك الأمور وتدخِل على نفسه البهجة والشُّعور بالرِّضا, مازلت صغيرة جدًّا، فلم لا تستغلّين طاقتك في مثل هذه الأمور؟
تعلَّمي فنَّ الحوار وابدئي معه حوارات حول أحلامِكما ومستقْبَلِكما, واطلُبي منه إجابات حول بعض الأمور كنوع من فتْح باب النقاش بيْنكما.
أحْضِري بعض الكتُب المسلّية؛ ككتب الألغاز مثلاً واطلُبي منه أن يسألك مرَّة وتسأليه مرَّة.
جرّبي أن تطلبي منْه أن تلعبا معًا، نعم تلْعَبان كما يلعب الأطفال.. ما المانع؟!
تذكَّري بعض الألعاب الشَّيّقة الماتعة واطْلُبي منه أن يُشارِكَك فيها, نريد أن يبتعِد عن التِّلْفاز أو الخروج مع اصحابه او السهر خارج المنزل والمسنجر شيئًا فشيئًا.
تأمَّلي كلَّ ما يعجبه واجعلي تركيزَك عليه, فإنْ أظهر استِحْسانًا لفعل ما, فكرّري هذا الفعل وواظبي عليه؛ أعني: أن تتلمَّسي احتياجاته بدقَّة متناهية, يا أختي هذا زوْجك, ومن أغلى من الزَّوج؟!
الأمر واسع ولا يسعُه رسالة أو استشارة عابرة، لكن أذكّرك فقط وأنت بحاجة لسلاح قويّ يكون لك خيرَ معين على تحْقيق هدفك السَّامي النَّبيل, ولا أجد لك سلاحًا أنفع من الصَّبر, ستأتي عليْك بعضُ لحظات اليأس, فذكِّري نفسَك أنَّ الأمر بحاجة لوقت، وأنَّ هناك من الزَّوجات مَن صبرت ما يزيد على عشر سنوات ثمَّ تحقَّق الحلم وحقَّقت أعلى درجات النَّجاح, فقد صار زوجها الفاسق داعيةً إلى الله بفضل صبرِها وإخلاصها.
حاولي ربطه بالله - تعالى - وتقْريبه إلى طريق الهداية؛ بأن تطلبي منه أن يصْحَبَك لبعض دروس العلم, كدروس الشَّيخ "محمد العريفي", أو من تشعُرين أنَّ له أسلوبًا طيّبًا في الدَّعوة إلى الله, فاذهبا إلى المسجد يومًا كلَّ أسبوع لسماع محاضرة في جوّ المسجد الطَّاهر, ولا تُكثري أنت من الحديث معه حول حُرمة ما يفعل, مكتفِية ببعض الإشارات القليلة ولْتدعي ذلك لأهل الدَّعوة من العلماء.
أركّز في نهاية حديثي على نقطة هامَّة تغفل عنها كثيرٌ من الزَّوجات, بل يغفل عنها كثير من النَّاس, ألا وهي: الدّعاء, والله - تعالى - قد ذكَّرنا به في أكثر من موضع في القرآن الكريم, لكنَّا نستبعده دائمًا, لا أدري لماذا؟!
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60].
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90].
وعن أبي هُريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ادْعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أنَّ الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافل لاه))؛ رواه الترمذي وصحَّحه الألباني.