كلمة قبل الموت خير من ألف قصيدة بعده

[راجيه الرضا]

أشد آلام الدنيا ألم الفقد لمن نحب...
فلا نحن نقدر على إرجاعهم... ولا نحن نستطيع أن نبوح لهم بمكنونات قلوبنا نحوهم.
والعجيب أن ما يخرج من مشاعر وما يبذل من أموال لمن فقدناهم بعد رحيلهم لو بذل معشارها في حياتهم لكان أنفع لهم..
لو أن أحدهم أسال الدمع السخين ومرغ وجهه السمين في حجر أمه مثلما يفعل بعد موتها ليريها كم هي عزيزة أثيرة في حياتها... لكان خيرا من دموع وأشواق لن تذهب معها إلى قبرها.
ولو قالت إحداهن لزوجها وهو حي أو قال أحدهم لزوجته وهي حية ربع ما يقولانه عن مآثره في أيام العزاء ما بقي بين أزواج الدنيا أوجاع ولا أحزان قط!!
سمعت أنا وأمي -حفظها الله- منذ زمن صوت رجل يمشي في الشارع باكيا صارخا لموت أخته التي قيل أنه لم يكن يزورها إلا قليلا حتى وهي مريضة في مرضها الأخير...فقالت أمي حينها مثلا شعبيا ما زال يرن في أذني حتى الساعة:
"روّح يا خويا ووفر مدامعك... في الحيا ما نافعني وفي الموت ما أنا سامعك"
وبعضنا يحب أخا له في الله ثم لا يزال يكتم عنه مشاعره،ويمنعه ما في قلبه منها حتى يسافر أو يموت ثم يؤلف فيه القصائد، ولو قال في وجهه جملة واحدة من قصيدته قبل رحيله لكان خيرا له.
لا تؤجلوا مشاعركم...ولا تتأخروا عن أحبتكم...ولا تكتموا أحاسيسكم...فألم الفقد يفطر القلب، والأشد منه ألم تلكم المشاعر التي تملأ القلب ولا يجد لها صاحبها منصرفا... وأين يصرفها والحبيب أو الحبيبة قد رحلوا.
حكوا أن عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم جمع أولاده في مرض موته وقال لهم:
انثروا بين يدي ما ستنعونني به بعد موتي...فقالوا له أشعارا ومعاني ملأت كتب التاريخ روعة وبيانا...
لأن النفس مفطورة على حب أن يكون لها قيمة...وأي قدْر لهذه القيمة إن لم نمتع قلبها ونشنف أذنها بكلمات الحب وعبارات الثناء،وهي لم تزل على قيد الحياة.
صبوا في قلوب إخوانكم عبارات الحب في الله.
تغزلوا في أمهاتكم وآبائكم..
امدحوا وتغنوا في أزواجكم وزوجاتكم...
فكلمة قبل الموت خير من ألف قصيدة بعده.
#خالد_حمدي