قصة الأسبوع "المتمردة"

احصائياتى
الردود
1
المشاهدات
581

راجيه الرضا

مراقبة و متميزة أقسام نسوة
معلومات راجيه الرضا
إنضم
18 فبراير 2017
المشاركات
14,541
مستوى التفاعل
9,664
النقاط
113
قصة الأسبوع "المتمردة"



المتمـــــــــــردة
هل تذكر رسالة البوح الجميل للسيدة التي ابتليت بالمرض اللعين فلم يفسد عليها صفاء قلبها‏..‏ وإنما زادها إيمانا بربها ورضا بقضائه‏..‏ وخلت نفسها من المرارة حتي راحت تعدد نعم الله الكثيرة عليها ؟ وهل تذكر ماقلته لها في تعليقك علي رسالتها من أن النفس الجميلة تخلو دائما من المرارات مهما تكن قسوة الحياة علي صاحبها ؟‏,‏ لقد دفعتني هذه العبارة الأخيرة لأن أروي لك قصتي وأزيح عن صدري بعض همومها‏..‏ فأنا سيدة في الرابعة والثلاثين من عمري‏,‏ نشأت في أسرة بسيطة بين أب عامل وأم ربة بيت غير متعلمة و‏7‏ أخوة من البنين والبنات‏,‏ وكنا نعيش جميعنا في غرفتين ببدروم بيت متهالك‏,‏ ويشقي أبي لكي يوفر لنا طعام يومنا‏..‏ وتصنع أمي المعجزات لكي تستر أجسادنا فلا نخرج إلي الطريق عراة أو مهلهلي الثياب‏..‏ وبسبب انشغال أبي بكفاحه في الحياة كان يغادر البيت في الصباح فلا يرجع إلا في منتصف الليل منهكا فلا نكاد نراه أو يرانا‏..‏ وقد وهبني الله منذ الصغر جمالا لافتا للنظر‏..‏ فكنت أجمل شقيقاتي‏,‏ وشعرت منذ الطفولة بنفسي وتميزي عليهن وعلي بنات الجيران‏,‏ وبدلا من أن أتقبل حياتي وأندمج معها كما يفعل أخوتي‏..‏ نشأت كارهة لحياتي وفقر أسرتي ومسكننا الحقير في البدروم‏..‏ وحاقدة علي سكان الأدوار العليا الذين ينظرون إلينا نظرة متعالية‏..‏ وتماديت في سخطي علي حياتي حتي خيل إلي في بعض الأوقات أنني أكره أبي‏..‏ وأكره مسحة المسكنة والاستلام البادية علي وجهه‏..‏ وكثيرا ماحاسبته في خيالي عن فقره وعن إنجابه لكل هذا العدد من الأبناء وهو لا يستطيع توفير الحياة الكريمة لهم‏..‏ ولم تنج أمي كذلك من سخطي عليها لزواجها من أبي واستجابتها له في الإنجاب بكثرة‏..‏ وكثيرا ماانفجرت فيها إذا رأيتها تتطوع لخدمة إحدي سيدات العمارة أو مساعدتها في أعمال المنزل‏,‏ كما كنت أرفض دائما أن أذوق أي طعام تهديه لها إحدي هؤلاء السيدات في المناسبات الدينية مهما كنت جائعة‏..‏ في حين كان أخوتي يتصرفون ببساطة ويقبلون علي التهامه‏..‏ وشيئا فشيئا بدأت أشعر بأن أمي تتهيبني وتتجنب الاحتكاك بي‏,‏ وبدأت ألاحظ كذلك أنها تخفي عني قيامها بمساعدة سيدات العمارة في أعمال البيت من حين لآخر مقابل أجر‏..‏ كما تخفي عني مايقدمنه لها من ملابس أبنائهن التي توزعها علي أخوتي دوني‏..‏ وتقتطع من رزق أسرتي ماتشتري به لي الملابس الجديدة فأسعد بذلك مهما تكن رخيصة الثمن‏..‏ كما بدأت أمي تنظر إلي في صمت في بعض الأحيان وت
قول لي إنها تشعر بالخوف علي أكثر من خوفها علي كل أخوتي‏..‏ لأن نفسي كبيرة‏..‏ ومتمردة وسوف يعرضني ذلك لمشاكل كثيرة في حياتي‏..,‏ ولم يغير نصحها لي بالتواضع والرضا بحياتي شيئا‏,‏ وكان الشيء الوحيد الذي يخفف من إشفاق أمي علي هو أنني كنت وعلي عكس كل أخوتي أنجح في دراستي كل سنة بلا تعثر‏..‏ وقد زادني سخطي علي حياتي إصرارا علي ألا أفشل في الدراسة‏..‏ وحين بلغت سن الصبا بدأ تهافت الشبان علي‏..‏ وكثرت معاكساتهم لي‏..‏ بل ومعاكسات بعض الرجال أيضا من الجيران‏..,‏ وراح أكثر من واحد يحاول الاقتراب مني ويخطب ودي‏..‏ فكان رد فعلي علي ذلك دائما في غاية الشراسة‏,‏ فألزمت كل فتي حده‏..‏ وجعلته يتردد ألف مرة قبل أن يفكر في مغازلتي‏,‏ وأردت بذلك أن أقول لمن أغراهم فقري بالتحرش بي‏,‏ إنني لست صيدا سهلا لأحد مهما تكن ظروفي‏..‏
وبلغت مرحلة الثانوية العامة‏..‏ واشتدت حاجتي إلي نفقات إضافية للدروس الخصوصية‏..‏ ولم يستطع أبي أن يقدم لي سوي القليل‏,‏ فاعتمدت علي مجموعات التقوية‏..‏ والفصول الملحقة بالمساجد‏,‏ ونجحت في الامتحان ولكن بمجموع ضعيف لا يؤهلني إلا للالتحاق بمعهد فوق المتوسط‏..,‏ وسعد أبي وأمي بنجاحي‏,‏ لكني تلقيت الخبر بحزن شديد‏..‏ ورفضت نصيحتهما لي بمراعاة الحال والإلتحاق بأي معهد‏..‏ وأصررت علي إعادة الثانوية العامة لتحسين مجموعي وفشلت كل جهودهما لإقناعي بالعدول عن ذلك‏,‏ ولم يستجيبا لي إلا بعد أن هددتهما بالهرب من البيت والعمل في أي مكان لمواصلة الدراسة‏..‏ وكان أبي دائم الشكوي من عنجهيتي برغم الظروف القاسية‏,‏ لتاجر للبويات والحدايد كان يساعده في بعض مواسم العمل مقابل أجر‏..‏ فطلب هذا الرجل أن يتحدث إلي لينصحني وأصطحبني أبي إليه‏..‏ وفوجيء الرجل بجمالي حين رآني لأول مرة‏,‏ وتلطف معي وسألني عن سبب إصراري علي إعادة السنة الدراسية‏..‏ وأجبته فلم يعارضني طويلا‏,‏ وإنما نصح أبي بالاستجابة لرغبتي واعدا بمساعدته علي نفقات الدروس الخصوصية‏..‏ وأقرضه بالفعل كما عرفت بعد ذلك رسوم إعادة القيد بالثانوية العامة‏..,‏ وبدأ يسأل أبي عني
من حين لآخر‏..‏ إلي أن فوجئت بأمي ذات يوم تصارحني برغبة هذا الرجل في الارتباط بي‏,‏ وبغير تردد رفضت العرض وثرت علي أمي ثورة عاتية واتهمتها بأنها تريد أن تبيعني لأول رجل يطرق بابها‏,‏ ولم تفلح مبرراتها في إقناعي به‏..‏ ولم يؤثر في أي حديث عن أنه رجل ميسور الحال وفي الأربعين من عمره‏..‏ ومشهود له بالطيبة والاستقامة‏..‏ وأرمل منذ‏4‏ سنوات ولديه طفلان يعيشان في كفالة أمه‏,‏ ولن يشاركاني حياتي إلخ‏.‏
كما لم تفلح محاولات أبي معي‏..‏ ولا مطالبته لي بأن أفكر في حال أخوتي الذين يكادون يتضورون جوعا‏!‏
وأصررت علي الرفض‏..‏ وواصلت استذكاري لدروسي وحياتي المتقشفة بعناد شديد‏..‏ ومن حين إلي آخر تفاتحني أمي في الأمر وتتحدث عن العز الذي سأتمتع به مع هذا الرجل‏..‏ والذي سيفيض بالضرورة جانب منه علي إخوتي فلا تجد مني أذنا صاغية‏..‏ ودخلت الامتحان ونجحت بمجموع أهلني للالتحاق بكلية نظرية مرموقة‏,‏ وانتقلت إلي عالم الجامعة الجديد ورأيت دنيا مختلفة وازداد إحساسي بفقري ورثاثة ملابسي‏..‏ وقبلت تحت ضغط هذه الظروف الملحة الهدية التي أرسلها تاجر البويات لي بمناسبة الالتحاق بالجامعة وكانت خاتما ذهبيا بعته علي الفور واشتريت بثمنه ملابس لائقة‏..‏ وفي غمرة ضيقي بالظروف القاسية التي زادني التحاقي بالجامعة إحساسا بها بدأت أفكر في قبول خطبة هذا الرجل لكي ينفق علي تعليمي الجامعي‏..‏ ويخفف شيئا من جفاف حياتي وحياة إخوتي‏,‏ وأعترف لك بأنني فعلت ذلك بدوافع مادية بحتة‏..‏ ولم أفكر لحظة واحدة في شخصية الرجل أو في الامتنان له لرغبته في وتمسكه بي رغم رفضي له‏,‏ وأعطيت الإشارة لأمي فطارت فرحا‏,‏ وبعد أيام جاء الرجل محملا بالهدايا‏..‏ واضطررت للتنازل عن خطتي السابقة في الاكتفاء بالخطبة إلي أن أنهي دراستي الجامعية أمام إصراره علي تعجل الزواج ووعده لي بمساعدتي علي الدراسة حتي أتخرج‏..‏ وخلال‏3‏ أشهر كنت قد تزوجت‏..‏ وانتقلت إلي مسكن جميل ومفروش بأثاث جديد وعرفت شكلا آخر للحياة غير الذي عرفته طوال حياتي السابقة وعرفت الملابس الأنيقة‏..‏ والطعام الشهي‏..‏ والنزهات الجميلة‏..‏ ووجدت في يدي لأول مرة نقودا كافية أنفقها فيما أريد وتحسنت صحتي كثيرا‏..‏ وتورد وجهي بدماء العافية‏,‏ وعشت مع زوجي أتقبل كرمه‏..‏ ورغبته في إسعادي‏..‏ ومحاولاته الجاهدة لأن ينال إعجابي به‏,‏ لكني ظللت في أعماقي قلبا مغلقا دونه‏..‏ ودون كل البشر ولا يشغلني إلا النجاح والحصول علي شهادتي الجامعية‏,‏ والالتحاق بعمل مناسب‏,‏ ثم يبدأ بعد ذلك التفكير في المستقبل‏!‏
ولاحظت أمي بإشفاق أنني لم أحمل بعد مرور عام علي الزواج‏..‏ وبدأت تشعر بالقلق‏,‏ وتستحثني علي عرض نفسي علي الطبيب‏,‏ لكني لم أفعل وشعرت بالارتياح لعدم حملي‏..‏ وسألني زوجي عما إذا كنت أرغب في استشارة الطبيب في ذلك فلم أتحمس‏..‏ ولم يكن هو متحمسا من الأصل للإنجاب من جديد فلم يلح علي‏,‏ ومضت سنوات الدراسة الجامعية وحصلت علي شهادتي وبدأت أتطلع للعمل‏,‏ ففوجئت بزوجي يعترض علي عملي بدعوي أنني لا احتاج إليه‏..‏ ووقع أول خلاف كبير بيننا فهجرت بيتي ورجعت إلي بيت أسرتي‏,‏ وراح أبي يحاول إقناعي بطاعة زوجي ويذكرني بفضله علي وعلي إخوتي الذين ساعدهم في تعليمهم‏,‏ كما ساعده أيضا في زواج أختي التي تليني ولكن دون جدوي‏,‏ ولم يطق زوجي صبرا علي هجري له فرضخ لرغبتي ورجعت إليه‏,‏ والتحقت بالعمل بإحدي الهيئات وبدأت حياتي العملية‏..‏ وأصبح لي دخل من ناتج عملي واجتهادي ومضت أربع سنوات‏..‏ وأحوالي المعنوية لا تشهد أي تغيير وكلما أمعن زوجي في التودد لي وإرضائي‏..‏ أمعنت أنا في الاغتراب عنه ولم يخف حالي عليه وقال لي ذات يوم إنني أعيش معه بجسمي فقط‏..‏ لكني سأعرف له قدره ذات يوم بعد أن يفارق هذه الحياة‏!‏
كما لم يخف حالي أيضا علي أمي‏..‏ فلامتني مرارا علي عدم تجاوبي مع زوجي‏,‏ وعدم تقديري لما يفعله من أجلي وتكرر ذلك كثيرا حتي جاءت لحظة ضقت فيها بكل شئ فطلبت من زوجي الطلاق‏,‏ وهجرت البيت ولم أشأ العودة إلي أسرتي لكي أستريح من إلحاحها علي‏..‏ فلجأت إلي زميلة لي في العمل زوجها مسافر إلي الخارج وأقمت لديها بصفة مؤقتة وأرسل إلي زوجي بعض أهله‏..‏ يسألونني عما انكره عليه فلا أجد ما أقوله سوي انني لا أنكر عليه شيئ لكنني أريد أن أغير حياتي‏!‏ وأرسل إلي زوجي يعرض علي أن يؤمن مستقبلي ويكتب الشقة التي يقيم فيها باسمي‏,‏ ويشتري لي بعض المصوغات الذهبية‏,‏ فلم أجب سوي بالرفض والاعتذار‏,‏ وانفجر في أبي قائلا لي‏:‏ من تظنين نفسك‏..‏ إنك ابنة عامل فقير وربيبة بدروم فلماذا تتبطرين علي حياتك وهي أفضل من حياة كل إخوتك الراضين بأقدارهم؟‏..‏ ولم أجبه سوي بالدموع فانصرف ساخطا ومهددا بمقاطعتي وبعد أيام جاءني ابنا زوجي وهما ولد وبنت مهذبان وأبلغاني بأن أباهما في المستشفي ويسأل عني‏..‏ فتشككت في البداية في صدق حديثهما لكن ما شعرت به من خوفهما وحزنهما دفعني للذهاب معهما إليه‏..‏ وفي المستشفي دخلت عليه حجرته فوجدته ممددا في الفراش مصفر ال
وجه‏..‏
ل؟
 

راجيه الرضا

مراقبة و متميزة أقسام نسوة
معلومات راجيه الرضا
إنضم
18 فبراير 2017
المشاركات
14,541
مستوى التفاعل
9,664
النقاط
113
ومغمض العينين‏..‏ فاقتربت منه وقلت له‏:‏ سلامتك ألف سلامة‏..‏ ففتح عينيه ببطء ونظر إلي دامعا‏..‏ وقال الحمد لله‏..‏ ثم أغمض عينيه مرة أخري‏,‏ وطلبت من ابن زوجي أن يحضر لي ملابسي‏..‏ وأمضيت ليلتي مع زوجي‏..‏ وهو ينظر إلي من حين لآخر ويقول لي بصوت ضعيف‏:‏ متشكر‏.!‏ وأمضيت مع زوجي في المستشفي ثلاثة أسابيع لم أفارقه خلالها لحظة واحدة‏..‏ وعرفت من الأطباء أنه مريض بالكبد منذ فترة طويلة وأن مقاومته للمرض قد انهارت فجأة خلال الفترة الأخيرة‏..‏
وغادرنا المستشفي إلي البيت‏,‏ واكتشفت جمال نفس هذا الرجل الذي أغلقت قلبي دونه طوال ما يقرب من عشر سنوات لم ييأس خلالها يوما من محاولة اكتساب مودتي‏,‏ وتحسنت حالته الصحية بعض الشيء‏,‏ ثم انتكس فجأة ورجعنا إلي المستشفي وهو في حالة سيئة‏..‏ واشتد به المرض ذات ليلة فبكي قائلا لي إنه يريد أن يحيا فقط لكي يسعدني ويسعد ولده وابنته‏..‏ وليس لأي سبب آخر‏.‏

ورأيت في المستشفي كل أقاربه يبكون عند اشتداد الأزمة ويذكرون له فضله ومساعدته لكل من احتاج إليه‏..‏ وشعرت لأول مرة بالفخر الداخلي لانتمائي إليه‏..‏ وانفجر ينبوع الحب في القلب المجدب‏,‏ بعد طول غياب ووجدتني ذات ليلة أقبل يده أرجوه أن يسامحني علي إعراضي عنه في السنوات الماضية‏..‏ وأطلب منه أن ينتصر علي المرض ونخرج من المستشفي لكي نبدأ حياتنا معا من جديد‏..‏ وأعوضه عن كل ماحرمته منه في سنوات زواجنا‏..‏ وفوجئت بزوجي يقولي لي إنني قد أسعدت قلبه بهذا الكلام‏..‏ ومحوت بذلك كل ما كان‏,‏ وإذا به أيضا يدعو لي بالصحة والسعادة والستر في الدنيا والآخرة‏,‏ فطفرت دموعي فرحا بهذا الدعاء الصادق‏,‏ وقبلت يده ورأسه واحتضنته‏..‏ وهو سعيد ومبتهج‏..‏ وفي الليل فارق زوجي الحياة في هدوء‏..‏ وها هو قد مضي مايقرب من ثلاث سنوات الآن علي رحيله عن الحياة ولم يمض شهر أو شهران دون أن أزور قبره‏.‏
‏..‏ وقد اكتشفت بعد رحيل زوجي المفاجئ أنه كان يتحسب للمستقبل منذ وقت طويل واشتري باسمي شهادات استثمار كافية لتؤمن حياتي‏..‏
وفي كل يوم يمضي‏..‏ أزداد إحساسا بحمقي وجهلي وغروري وقصر نظري‏,‏ وتبطري علي النعمة التي كانت بين يدي ولم أحسن تقديرها‏,‏ بل إني لأنظر الآن في المرآة وأسأل نفسي بماذا اغتررت علي هذا الرجل المحب الطيب وبأي شئ استكثرت نفسي عليه وقد كان أفضل مني وأنبل من كل الجوانب عائليا‏..‏ واجتماعيا‏..‏ وإنسانيا وماديا‏.‏
وأين هو هذا الجمال الذي ظننته قديما صاعقا ويدير الرؤوس؟ إنني أسير في الشارع فلا يلفت منظري أحد ولا يتوقف أمامي أحد كما كان غروري يصور لي من قبل وأذهب إلي العمل فلا يقترب مني إلا الطامعون في نزوة عابرة يظنون أن ترملي ييسرها لهم‏,‏ وهؤلاء هم من أستعيد شراستي لإيقافهم عند حدهم بعد أن يتركوا في نفسي أسوأ الأثر‏.‏
فبم تهت غرورا علي زوجي الطيب الكريم من قبل وهو الذي انتشلني من الحاجة والعوز وأكرمني وأعزني ورعاني‏..‏ وتفاني في إسعادي‏..‏
وماذا أنكرته عليه حتي أغلقت دونه قلبي ملابسه غير الأنيقة؟ إنني أشتهي أن أراه الآن ببنطلونه الواسع‏..‏ وقميصه غير الشبابي وحذاءه المترب‏..‏ وتصفيفة شعره التقليدية‏..‏ وأشتهي يوما واحدا من أيام صحبته‏,‏ بل وساعة واحدة منها‏.‏ وأفتقد حبه وإعزازه لي وحرصه علي إرضائي وهدوءه وحسن معاملته لي‏.‏
كنت أنكر عليه أنه ليس شابا وسيما كنجوم السينما وأنه راسب ثانوية عامة؟ وما قيمة الشاب الذي يرتدي السلسلة والملابس الملونة إذا خلا قلبه من الحب والعطاء‏..‏ والحنان‏..‏ وماذا يعيب تعليمه‏,‏ وبعض أخوتي لم يحصلوا سوي علي الإعدادية بشق الأنفس‏,‏ ولم يدرس في الجامعة سواي‏.‏
لقد كانت لديه مميزات أعظم وأبقي من كل هذه القشور‏,‏ فقد كان من أصحاب النفوس الجميلة التي أشرت إليها في تعليقك علي رسالة البوح الجميل‏.‏

وكنت أنا من أصحاب النفوس الرديئة الممرورة الناكرة للجميع‏,‏ الكارهة للبشر بلا مبرر وإني لأذكر لك تعليقا آخر قلت فيه إن الوحدة هي عقاب من يكرهون الآخرين ويسيئون عشرتهم‏,‏ وها هو عقاب الوحدة يحل بي‏,‏ فمات أبي بعد زوجي بعام وشعرت بفراغ الدنيا كلها من حولي‏..‏ في حين يتزاور اخوتي فيما بينهم ويزورون أمي وتزورهم باستمرار ويجتمعون حولها في مسكنها هم وأولادهم‏..‏ وإذا ذهبت إليهم شعرت بالحب الذي يجمعهم وبالتفاهم السائد بينهم‏..‏ وشعرت بغربتي وسطهم فلا أطيل الزيارة وأرجع إلي وحدتي وندمي وأحزاني‏..‏
إنني أريد أن أكفر عن كل أخطائي في حق زوجي وأمي وأخوتي ونفسي فماذا أفع
 

من نحن ؟؟

موقع نسوة : هي شبكه عربيه تهتم بكل ما يخص المرآه وحياتها اليوميه يعمل منذ سنوات لمساعدة والمساهمه في انجاح كافة الامور الحياتيه للمرآه العربيه